مقال: عودوا إلى عمانيتكم الأولى
حمود بن علي الحاتمي
جبل الانسان العماني على البساطة في تعاملاته اليومية وحتى وقت قريب لم تؤثر آثار المدنية السلبة في حياته وتعامل معها بتفاعل .
كان المجتمع العماني قوي الترابط الأسري والمجتمعي ،وفيه قيم عمانية متأصلة فيه وتتمثل في التواصل والتراحم بين الجيران وكذلك على مستوى الأسر .
إلا أن هناك ظواهر طرأت على سلوكنا المجتمعي وهي غير محمودة ومنها
كان الترابط المجتمعي بين الجيران أكثر مما هو عليه الآن كان الجار يعرف ما يحدث لجاره من خطب فيهب لمساعدته واليوم يسمع عنه بعد يومين يرقد على السرير المرض أو توفي أحد من أهل جاره ويذهب إليه كما يقول المثل (كما الناس لا بأس )أي يعامله كأنه شخص يعرفه من بعيد .
الجار لا يجلس مع جاره ويتحدث إليه يصليان في المسجد وبعد التسليم كل يهرول إلى بيته .
رحم الله أمهاتنا وجداننا كن يتبادلن اطباق الاكل وقت الغداء ولو بالشيء القليل بما يسمى (ذواقه )
اليوم صرنا نتباهى بصورها في الانستجرام وغيرها دون أن تطعم منها أحد .
كانت قرى وتبادل الزيارات أيام الأعياد واهل القرية المستضيفة كل يخرج من بيته صحن الغداء والعشاء ويجتمع عليه الجميع في مجلس القرية وتحل البركة وكما يقال خير الطعام ما اجتمعت عليه الايادي
صلاة الاستسقاء كان يصلي بنا مطوع الحارة ويقرأ ما تيسر ويدعو بما تيسر أما اليوم فنبحث عن الشيخ اللامع والذي ذاع صيته وتقدمه في الصلاة كي يزكينا عند الله وبركاته فيقرأ علينا خطبة عصماء أجزم أن الشايب حمدان والشايب سعيد في حل منها لأن مفرداتها لم يألفوا سماعها ويدعو بصوت سجي وندع مطوع الحارة في الصفوف الخلفية كونه ليس لديه صوت مع أن سريرته نقية ولا أزكي على الله أحدا ويكون هناك نقل عبر اليوتيوب وتملا الصحف بخبر الصلاة .
يوم الجمعة ما أكثر رسائل التهنئة والدعاء ولكن قلوبنا بعيدة عنها كنا نستعد لها من الساعة العاشرة واليوم نصل قبل الخطبة بدقائق
كانت صلاة الجمعة فرصة أن نلتقي بمن لم نلتقي بهم واليوم نخرج سراعا كأنه أصابنا جازع لم نعلم من صلى بجانبنا
كنا نسعد لمساعدة الآخرين نتحفز لمساعدتهم واليوم حينما نسمع من ينادي لطلب المساعدة نعتبرها عبئا ثقيلا وتتجاهل النداء مع أنها صدقة تنقذنا مما نحن فيه
نحن بحاجة إلى إن نعود إلى عمانيتنا الأولي عمانيتنا التي كنا نعبد الله خفية
نحن اليوم أسرفنا في بناء المساجد وأكثرنا من إلقاء المحاضرات والخطب ونشرنا وقائعها إخباريا ولكن لم ينتفع بها وقديما كانت البرزة وبتلقائية نستطيع أن نوصل الرسالة إلى المتلقي ويفهمها
قديما كان المزارع ومربي الماشية يتصدق على أهل القرية المعوزين فيما يقوم التجار ووكبار القوم بتوصيل الصدقات سرا وقت الأعياد وحلت البركة اليوم أسرفنا في إنشاء الجمعيات الخيرية وننشر صور التوزيع ونعلن عن الارقام التي استحقت بل نشهر بمن استحقوا المساعدة ونعلنها القاصي والداني فمتى ستحل البركة
كنا نزور المريض ونأخذ له الشيء اليسر مثل الفواكه واليوم نزوره ونصور معه السيلفي مع علبة الحلويات الفاخرة التي أعدها لاستقبالنا
كم صلاة استسقاء أقيمت ونحن نعود إلى ما كنا عليه في التباهي وارتكاب المعاصي دون صلاة صليناها تنهانا
علينا أن نعود إلى تلقائيتنا دون تكلف علينا أن نعود إلى أخلاق عمانيتنا وسجيتنا الأولى
ونسمع قول الله تعالى
ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55) وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا ۚ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ (56)
وقد نَصحَنَا النبي- صلى الله عليه وسلم – بالخبيئة صالحة؛ فقال: ” من استطاع منكم أن يكون له خبء من عمل صالح فليفعل”