اعلم لٍمَ تتعلم؟!
علي بن مبارك اليعربي
كل عمل يقوم به الفرد يكمن في أهمية هذا العمل بالنسبة له وما العائد عليه منه؟. و كي يتقنه ويؤديه باحترافية متناهية، عليه أن يدرك دور ذلك العمل في حياته، و تشكيل شخصيته النفسية و الاجتماعية، بالإضافة إلى تحسين الضبط الذاتي لديه وتطوير مستوى فاعلية العمل الذي يقوم به، وقياس نواتج ذلك من خلال الملاحظة والسلوك الممنهج للأداء.
لذلك أقول لطرفي العملية التعليمية التعلمية المعلم، والمتعلم يجب أن تدركا أهمية دوركما.
ويجب عليك عزيزي المتعلم خاصة، أن تسأل نفسك لِمَ أتعلم؟. نعم عزيزي فمن خلال الإجابة عن هذا السؤال، سينبثق لك منه كل العوامل المؤثرة في العملية التعليمية التعلمية، كما سيتولد منها طاقة إيجابية تساهم في الفهم و الإفهام وتزيد من الدافعية للتعلم، وتسهل عملية الاستيعاب، وسرعة التذكر لدى المتعلمين، وهذا ما تم تطبيقه فعلا في نظرية التعلم ذي المعنى.. و التي تبنّى فكرتها أوزوبل بقوله: إن التعلم يحدث عندما ترتبط المعلومات الجديدة بوعي وإدراك من المتعلم بالمعلومات الموجودة لديه فعلا في بنيته المعرفية؛ أي أن التعلم لا يحدث نتيجة تراكم المعلومات الجديدة وإضافتها إلى المعلومات التي سبق تعلمها، ولكنه يحدث عندما يتمكن المتعلم من ربط المعلومات الجديدة بالبيئة المعرفية لدى المتعلم. لهذا يجب على المتعلم أن يُكوّن مفهموماً عما يرغب في تعلمه. ولماذا يريد أن يتعلم؟. وهناك الكثير منا -للأسف- يتعلم ولا يعلم لِمَ يتعلم وقد يصب جل تركيزه على هدف واحد يشغله، ويشغل الكثير منا ألا وهو الحصول على وظيفة يتقاضى منها راتباً ليس إلا، وهذا مفهوم قاصر لا يوصل المتعلم إلى كسب المعارف والمهارات، وإن كسبها بهذا المفهوم سرعان ما تتلاشى وتنتهي و لا يبقى لها أي أثر يذكر.
وهذه الطريقة مهمة جداً للمعلمين، حيث تساعدهم في كيفية استخدام المعلومات و المفاهيم وربطها ببيئة المتعلم، مما يمكنهم من حل مشاكل معينة تُولّد لديهم دافعية وتعزز قدرتهم على فهم المادة العلمية؛ لأنه يشتمل على مهارات متعددة للتعلم وهو التقييم والتركيب بين النقائض، والتحليل والتطبيق والاستيعاب والمعرفة، وهذا هو إطار عمل نترجم فيه أهداف المناهج الدراسية.
خلاصة القول، إن على المعلم و المربي الفاضل أن يربط ما يتعلمه طلابه من معلومات ومهارات و مفاهيم بحياتهم اليومية، وأن يحول المناهج الدراسية من قالب المادة الجامدة إلى مادة محسوسة تنبعث فيها الحياة فتلامس واقع تلاميذه، وتعينهم على تسيير مختلف أنماط حياتهم.
كما أن عليك عزيزي المتعلم أن تدرك أهمية التعلم في حياتك فهو غير مرتبط بالوظيفة -وحدها- فهذا فهم قاصر مغلوط، ويعتبر آفة من آفات التأخر الدراسي لدى الكثير منا للأسف، وأما الأصل أن يكون العلم للعمل غاية لا مجرد وسيلة للعيش والتكسب. فالعمل يصلح بدون علم ولكن لا يصلح العلم بدون عمل وشتان بين الأمرين، فصاحب العمل ينتهى بنهاية عمله (وظيفته)، أما صاحب العلم يبقى أثره و يدوم نفعه. لهذا أقول قبل أن تتعلم اعلم لِمَ تتعلم؟! .