2024
Adsense
مقالات صحفية

الانتظار “الجزء الأخير”

بدرية بنت حمد السيابية

ظلّتْ دقّات قلبي تتسارع لتَلقّي خبراً يزيح كلّ التساؤلات، وطال الانتظار وكنتُ أنظر يميني ويساري وأصابع يديّ تتشابك مرتبكةً، ماذا سيحدث بعد ذلك؟ بِحُكم تجربتي الأولى ولكنْ ليس لديّ سوى الصبر وسَماع اسم مَن تمّ اختياره ونجاحه في الاختبار أو التجربة، وبعد لحظاتٍ رأيتُ مقبض الباب يُفتح _وإذا بشخصٍ ينادي بعض أسماء الأشخاص المُشاركين وكنتُ أنتظر اللحظة الجميلة، كانوا مُحتاجين لثلاثة أشخاصٍ فقط من كِلا “الجنسَين”.

واخيراً نطَق اسمي، حينها سقطتْ أوراقي مِن يدي أرضاً مِن دهشتي وبأنه تمّ اختياري، وقفتُ مبتسمةً، نعم هذه أنا.
فقال: كلّ مَن ناديت اسمه يتفضّل معي، فرحتٌ فرحةَ النجاح والفَوز كنُتُ سعيدة للغاية، كنتُ لا أرى أمامي سِوى حُلم تحقّق ليحدّثني بهدوءٍ وبهمساتٍ تدغدغ مَسمعي، واصِلي واستمرّي فهناك الكثير بانتظارك، جَلسنا على كراسي مُرتبة بشكلٍ مستقيمٍ، وكانت  أمامنا طاولة متوسطة الطول، أحسستُ بنعومتها مُنذ وضعتُ يدي عليها فقلت لها: ما أجملك، أحسستها تبتسم لي وتقول: أهلاً وسهلاً.
شعورٌ رائعٌ عندما تجتاز الصّعاب لِتصل لمبتغاك بكلّ ثقة وجدارة.

حينها انتظرنا أنا ومَن تمّ اختيارهم في تلك الغرفة ما يقارب نصف الساعة، دخَل علينا مدير هذه الإذاعة الإلكترونية فألقى السلام وردّينا عليه السلام، فرحّب بنا وبادر بالتحدث عن بعض القوانين و عن آلية العمل وغيرها مِن الأمور المُهمة، والأهمّ مِن كل ذلك هو الوقت والحضور قبل موعد البرنامج بنصف ساعة.
كنتُ استمع إليه وجميع حواسّي مُركّزة على كلّ حرْف يقوله، فهي فرصةٌ جميلة، والأجمل أنْ أُثبت قُدرتي وتنمية موهبتي أكثر.

كان يوماً مليئاً بقطراتٍ من السعادة ترتويني رويداً رويداً، يوماً مليئاً بالانتصارات والفرح.
بعدها تمّ تحديد اليوم والوقت لنبدأ بالعمل وكان الفرح يتراقص بين حنايا نبضات قلبي مبتسماً، وبعد أيامٍ مِن الانتظار، تجهّزتُ في الصباح الباكر، في البداية توجهتُ إلى والدتي وقبّلتُ رأسها طالبةً منها دعوات جميلة كجمال قلبها الحنون، كنتُ خائفةً أنْ لا يدركني الوقت، صعدتُ إلى  السيارة مُسرعة وتوجهت للمكان المقصود.

وصلتُ قبل الموعد المحدّد بربع ساعة، ركنتُ السيارة وخرجت منها على عجلٍ حاملةً معي رفيقات دربي بياضهنّ الناصع كقُطنٍ مقطوفٍ مِن بستانٍ أزهرتْ وسطه الورود والأزهار، مع سلاحٍ جميل المنظر، أنظر إليه بفخرٍ واعتزازٍ، فهو يعزّز كلّ ما يدور مِن فكرٍ وإبداع.
نعم إنها “أوراقي وقلمي” أعجز وصفهم، لا أستطيع الاستغناء عنهم أو تركهُم دون مرافقتي.

صعدتُ إلى الطابق الرابع بسرعةٍ، ولكنْ حدَث ما لمْ أتوقعه وللأسف الشديد بأنّ المصعد توقّف فجأةً، ولا أعلم ما هي المشكلة، بقيتُ داخل المصعد ما يقارب نصف الساعة، كيف أتصرف بهكذا موقف؟ وفِكري مع بدء البرنامج، أحسَستُ بالاختناق وكنتُ انادي بصوتٍ عالٍ لعلّ أحداً يسمع صرخاتي المؤلمة مع خوفي الشديد. بقيتُ أضغط على الأزرار بشكلٍ عشوائيٍّ وأكثرتُ مِن الاستغفار والدّعاء بأنْ يكتب الله لي مَخرجاً.

أخيراً فُتح لي باب المصعد، وأخذتُ نفَساً عميقاً وحمدتُ الله حمداً كثيراً وأسرعتُ للموقع مباشرةً، فنظر إليّ مَن كان حاضراً نظرة استغرابٍ ودهشة، وسَألني أحدهم لمَ هذا التأخير؟ وضّحتُ لهم ما واجهته أثناء المجيء إليهم، ولكنْ لمْ يقبلوا اعتذاري، فقد تأخّرتُ على الموعد، ومِن ضمن الشروط عدم التأخير، والتواجد في الوقت المناسب، ولا بدّ من احترام المواعيد المحددة .
ولكنّ السؤال الذي يطرح نفسه:
ألا أستحقّ فرصةً ثانية؟
وتموت الأحلام في قلوبنا، غصّة مخنوقة بقوانين الحياة.

لم يكنْ مِن نصيبي، ولعلّها اختيارٌ مِن عند الله عزّ وجلّ، الحمد لله دائماً وأبداً، ولكنْ لا تتوقّف الحياة عند هذا الحدّ، ودائماً هناك فُرَصٌ يجب اغتنامها وتنميتها، فلنمضي ونبتسم ونتوكّل على الله بكلّ عملٍ نجتهد به، ونكون متفائلين بالقادم ولا ننظر للخَلف حتى لا نتعثّر ونقَع، نترك الماضي بذكرياته ونسعى للحاضر والواقع مع وضع خططٍ وأهدافٍ للمستقبل.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights