كورونا بين الماضي والحاضر والمستقبل…ثم ماذا بعد؟
د. حسين كاظم الوائلي
رئيس مجموعة أبحاث الطاقة المتجددة وتكنولوجيا الاستدامة
أستاذ مشارك وخبير طاقة
الماضي القريب: في صباح أحد أيام ديسمبر من عام 2019 استيقض العالم على خبر ظهور فايروس جديد، حيث تعامل العالم بلا مبالاة مع المولود الجديد متصورين أنه مرحلي؛ كسابقاته فايروس انفلونزا الطيور والخنازير والسارس، وغيرها، رغم أن الصين عند أول ظهور له اتخذت إجراءات عزل وتعقيم وغيرها، مع توقف الحياة في مدينة ووهان.
وما بين منتقد للإجراءات الصينية ومشكك سرعان ما اجتاح الفايروس العالم منذراً بجائحة هي الأسوأ.
الإصابات في زيادة.. كوريا، ايران،إيطاليا ،…ثم…العالم.. المصانع تغلق..المدارس والجامعات. تغلق..المطاعم..المقاهي..المطارات والحدود.. وغيرها تغلق..الأسهم في نزول.. أسعار النفط تهبط بسرعة.. 40$، 30$، 20$…أزمة اقتصادية خانقة..الناس في البيوت بين الخوف والتلفاز والأكل والنعاس…الدول تتعامل مع الدول الأخرى .. تسارع في دقات القلب ثم تباطؤ..ثم تغير العالم..مات العالم.
الحاضر: بعد مضي عدة أشهر تقريباً في بداية عام 2020 عاد النبض..وبدأت دقات قلب العالم من جديد يشوبها ارتفاع بدرجات الحرارة مع سعال وخمول..
الصين..كوريا..السويد..ماليزيا .. وغيرها تحتوي الجائحة وتحد من سرعة انتشاره.
بدأت دول العالم تبعث مساعدات لبعضها وتترك الأنا..تتبادل الخبرات وترسل الأطباء والمعدات وو..العلماء والإعلام والحكومات شمروا عن سواعدهم.. بين البحث العلمي لصنع لقاح..توعية المجتمع بكيفية التعاطي..بين التباعد الاجتماعي..النظافة..الكمامة..وبين العمل والدراسة من المنزل..وبين إجراءات موضوعية..وقوانين..المجتمعات تتفاعل مع الحدث بإيجابية ..
تطور طرق التعلم والبحث العلمي..مع استخدام التكنولوجيا والإنترنت ..قفزة نوعية في تفكير العالم..عادت المطاعم تفتح..المدارس والجامعات تفتح..الصناعة تعود بقوة..أسعار النفط والأسهم ترتفع من جديد..المطارات والحدود تفتح..انتعشت الأرض بوجود الإنسان وعادت الحياة شيئاً فشيئاً من جديد..لتتأقلم مع وجود كورونا.
المستقبل القريب: الحياة تسير بخطى حثيثة لتعمر الأرض ..بين الدراسة عن بعد والتعليم المدمج وو..تطور معرفي واضح..الصناعة تعود بقوة..العديد من الدول تعاملت بحكمة وخطط مدروسة لإدارة الأزمة ..تم تأهيل كل شيء لتقليل أثر الجائحة..ثم ماذا بعد؟
بدأت عقارب الساعة تدور بسرعة والأبصار شاخصة نحو اللقاح المرتقب والتوقعات لظهوره بين نوفمبر-ديسمبر 2020 أو جنيوري-فبروري 2021 كما يذهب إلى ذلك العديد من المراكز البحثية والمؤسسات الطبية والشخصيات المعروفة كـ بل جيتس وغيره..أليس الصبح بقريب.
ونحن نرتقب المستقبل من المفيد أن نشير إلى أهم النقاط المضيئة في مستقبل كورونا القريب:
العديد من اللقاحات في مراحلها الأخيرة للتأكد من ملائمتها للشروط والآثار الجانبية قبل أن تصل إلى العالم، على سبيل المثال اللقاح الصيني لشركة سينوفاك Sinovac ، أيضاً اللقاح البريطاني الذي تقود بحثه جامعة أكسفورد ، أيضاً اللقاح الألماني برعاية شركة بيوتك BioNTech وكذلك لقاح شركة التكنولوجيا الحيوية Moderna في ماساتشوستس بأمريكا ، والعديد من اللقاحات التي ينتظرها العالم ليطوي صفحة الجائحة وإلى الأبد.
تطور أجهزة فحص فايروس كورونا (كوفيد19) بحيث أصبحت النتيجة تظهر في أقل من 5 دقائق بدل عدة أيام مع تنوع الأجهزة وتقنياتها، مع تطور واضح في معظم دول العالم للتجهيزات الطبية والخبرات للتعامل مع الجائحة.
أكد باحثون بجامعة هونج كونج أن الكمامات قللت الإصابة بفيروس كورونا بنسبة تصل إلى 75 %. كما توصل العلماء إلى أن مرضى كورونا للمرة الثانية لا ينقلون العدوى ولديهم أجسام مضادة، كما وجدوا احتفاظ المصابين بفيروسات تاجية مشابهة لكورونا بأجسام مضادة محايدة لسنوات بعد الإصابة.
أشار الاتحاد الدولي للنقل الجوي (اياتا) إلى الاستعداد لنقل اللقاح إلى جميع سكان العالم عبر 8000 طائرة شحن جوي من طراز بوينغ 747 لضمان إتاحة اللقاحات والعلاجات ووسائل التشخيص الجديدة.
قلة الصراعات بين الدول والمجتمعات وأصبح الإنسان يعي أكثر، ويتفهم أكثر، ويفكر بمنطق، وموضوعية أكثر .
الناس أصبحوا أكثر مسؤولية والتزاماً مع المؤسسات المعنية…العائلة بدأت تلتقي أكثر وتشعر ببعضها أكثر …بدأ الإنسان في كل مكان يشعر بأخيه الإنسان .
عدد الإصابات والوفيات أصبح أقل وعدد حالات الشفاء أصبح أكثر في معظم دول العالم.
وكما يقولون “الأرقام لاتكذب” نجد أن الأعداد قلت بشكل واضح في عمان كما موضح في الشكل أدناه ، وهذا يحسب لحكمة اللجنة العليا لإدارة الأزمة والتعاطي المسؤول من قبل المجتمع.
أصبحت المؤسسات تتهيأ وتطور أساليبها للتعامل مع المتغيرات لهذه الجائحة حتى الموجة الثانية المتوقعة هناك خطط وأفكار وأساليب مبنية على تجربة.
أصبح العالم مهيئاً أكثر للتعاطي مع أي فايروس قادم، كما أحدث ثورة علمية على جميع الأصعدة المتعلقة بكوفيد 19. حيث نجد اليوم أن هناك العديد من الأبحاث التي ترتبط بكورونا من عدة جوانب طبية واجتماعية واقتصادية وثقافية وغيرها كثير، وإذا ما بحثنا في محرك البحث جوجل فسنجد أكثر من 2,820,000,000 موقع يتحدث عن كورونا بما يعطي انطباع عن حجم المعلومات عن هذه الجائحة.
يفصلنا عن اللقاح أشهر قليلة وهذه تجربة مع كل صعوباتها وتحدياتها وأحزانها إلا أننا تعلمنا الكثير واكتشفنا أنفسنا و لا زال يحدونا الأمل والتعلق بخالق الكون أن يكون القادم أجمل وأفضل .. دمتم بخير.
انخفاض في منحنى الإصابات في عمان حتى 6 سبتمبر 2020.
انخفاض في منحنى الإصابات في عمان حتى 6 سبتمبر 2020