المرسوم السلطاني السامي رقم(101/ 2020م)
خميس بن محسن البادي
لتبقى سلطنتنا الغالية شامخة زاهية بين الأمم كجوهرة برّاقة متلألئة، ونجمة في ليلة ظلماء في السماء لامعة على مدى الأزمنة والدهور القادمة.
في الثامن عشر من أغسطس المنقضي أصدر حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- حزمةً من المراسيم السلطانية ترجمةً لما وصفه جلالته في خطابه السامي بوقت سابق عن إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة، وكان من بين المراسيم السامية المرسوم السلطاني رقم (101/ 2020م) الخاص بنظام المحافظات والشؤون البلدية، فإلى ماذا يهدف هذا المرسوم وماذا يُراد منه؟
ذلك ما فنّده الكاتب الصحفي الأستاذ طالب بن مبارك المقبالي وتطرق إليه الإعلامي الدكتور خالد الخوالدي الأسبوع الماضي من خلال مقاليهما (محافظات الطموح ،، وأهلاً بالمحافظين) عبر جريدة الرؤية وغيرها من المقالات والتحليلات والتعريفات السابقة التي تم بثها عبر مختلف الوسائل الإعلامية التي قدّمها مختصون في شأنها، وهذا بلا شكٍ توجهٌ جديد نحو أللامركزية كما ذكر الكاتبان الصحفيان، وهي رغبة وطنية أكيدة مشتركة بين القيادة السامية والشعب بتفعيل دور سعادة المحافظ، كلٌ في محافظته، بما يمكننا أن نصفه بأنّه أمر شبيه بالتنافس فيما بينهم على إقامة مختلف المشاريع التنموية نوعاً وكماً بجودتها وزخمها لجعل كل محافظة محل جذب واستقطاب على مختلف الأصعدة(سياحة/ اقتصاد/ استثمار) وحراك تجاري منتعش ومزدهر بيعاً وشراءً، ويسبقه لا ريب فيه أداء حكومي بعيداً عن الأهواء والمصالح الشخصية والعراقيل الإدارية العقيمة، وذلك من خلال تقديم خدمات مثلى ومبسّطة للمواطن والمقيم.
وقد سبق ذلك كله توجيهات سلطانية سامية بتخصيص (عشرة ملايين ريال عُماني) سنوياً لكل محافظة تكون مدمجة مع الاستقلال الإداري والمالي بموجب المرسوم السامي إن لم يكن إضافة لذلك، مع تأكيد واضح لمعالي السيد وزير الداخلية لأصحاب السعادة المحافظين بضرورة الأخذ برأي المواطن والاستماع إليه حول كل ما من شأنه أن يفيد عموم المحافظة، وبما يؤكد على أهمية إشراك المواطن بتقديم آرائه وأفكاره لخدمة الوطن والمجتمع بصرف النظر عن المكانة الوظيفية والاجتماعية لصاحب الرأي والمقترح، متى ما وجدت مقترحاته أنها تخدم الصالح العام وليس الشخصي، وذلك لما هو بيّن للجميع بما يتفرّد به المواطن العماني من واسع الفكر والرأي المفيد وانتمائه وولائه المطلق لوطنه، ومن منطلق ما منح له من حرية إبداء الرأي والتعبير وفق ما كفله القانون له في مثل هذه الجوانب.
إذاً ونحن في خضم النهضة المتجددة التي وعد بها جلالة السلطان – حفظه الله ورعاه- بدأنا نشهد -ولله الحمد- حراكاً عملياً نشطاً، منه الإداري، وبعضه الميداني في هذه المحافظة وتلك من قبل أصحاب السعادة المحافظين ومعاونيهم في مختلف الدوائر الحكومية.
وبذلك نستطيع القول بأننا نمارس مرحلة انتقالية جديدة نحو التنمية الوطنية المستدامة للسلطنة قاطبة، تتطلب منا جميعاً مضاعفة الجهود، كلٌ في موقعه، ومجال اختصاصه، ومن مبدأ حرص جلالته وحكومته الرشيدة ونداء معالي السيد وزير الداخلية بأن يكون المواطن شريكاً في هذه التنمية الوطنية، فإننا سعداء ونحن نبدي بعض الآراء التي من شأن تنفيذها على الواقع أن تخدم مختلف شرائح المجتمع بما يعود بالنفع على البلد، وقد تخلق في الوقت عينه فرص عمل جديدة للمواطن مع تقديرنا سلفاً لكل الجهات المختصة لاستمراريتها في تقديم خدماتها العامة التي نعي أنها حاضرة في أذهان أصحاب السعادة المحافظين ومديري الدوائر الحكومية، إلا أن الذكرى دوماً نافعة للمؤمن الحق، ويسرنا التذكير هنا ببعض الآراء والمقترحات وهي على النحو الآتي:-
١- إعادة النظر في شأن المحاجر والكسارات بسلبياتها الحالية بمختلف ولايات السلطنة، ورفع مقترح بشأنها للجهات المختصة، لرغبة ملحّة لدى شريحة واسعة وواسعة جداً من المواطنين بالمطالبة؛ لتكون جميعها تحت المرجعية المباشرة للدولة أسوةً بثروة النفط والغاز، وما ستوفره بعد ذلك من فرص عمل ورفد مالي ينتفع به الوطن والمواطن.
٢- إقامة دورات مياه ذاتية التنظيف والتحصيل المالي على الطرق العامة و بين التجمعات التجارية بمسافات محددة بين كل واحدة وأخرى، على أن يعهد المشروع بشركة محلية تكون تحت المراقبة والمحاسبة الحكومية عن أية تقصير أو إهمال بشأنه من حيث الصيانة والجودة وديمومة صلاحيتها للاستخدام، على أن يكون لأصحاب الإعاقة نصيب من دورات المياه هذه بما يمكّنهم من استخدامها عند الحاجة، مع إلزام أصحاب محطات تعبئة الوقود على تفعيل الخدمات الخاصة بالجمهور في فناء أحرامها ومتابعة ذلك، لاسيما في ظل الظروف الصحية الراهنة.
٣- إعادة النظر في تصميم الطرق الداخلية في الولايات من حيث تصريف مياه الأمطار التي تتجمع فيها بكميات كبيرة لأسباب مردّ بعضها لسوء الهندسة الإنشائية، وبعضها بسبب الأرصفة الخرسانية المقامة على جانبي كل طريق بما يعيق كذلك حركة السير عند أي عطل طارئ.
٤- العمل بالجمعيات الاستهلاكية التعاونية بمساهمة مالية من المواطنين بما يضمن لهم إيراداً مالياً مقابل أسهم مشاركتهم في إنشاء هذه الجمعيات، وبما يخلق كذلك فرص عمل للمواطنين، كل وفق مؤهله وخبرته، وبإدارة وطنية خالصة لهذه الجمعيات.
٥- تفعيل دور الحدائق التفعيل الذي أنشئت من أجله من حيث استقطاب شرائح واسعة من أفراد المجتمع من خلال إيجاد أدوات الترفيه المختلفة في أحرامها ولو بمقابل مالي معين مع إعفاء فئات الضمان الاجتماعي والمعسرين والمعاقين من ذلك.
٦- إنشاء المرافق الخدمية المختلفة في كل المواقع السياحية وجعلها محل جذب للزوار والسياح من الداخل والخارج بمقابل مالي محدد باستثناء فئات الضمان الاجتماعي والمعسرين والمعاقين من ذلك.
٧- تفعيل الدور السياحي للقلاع والحصون والأبراج في السلطنة للتي ما يزال بعضها خارج هذا التفعيل بالتنسيق مع جهات الاختصاص والعمل على اكتشاف المواقع السياحية التي ما تزال مخفية وتسهيل الوصول إليها، وإيجاد الخدمات التي يحتاجها السائح.
٨- استغلال المرافق العامة الغير مستغلة بما يعود على الوطن والمجتمع بالنفع، ويخلق فرص عمل للمواطن.
٩- إعادة النظر في المناطق الصناعية من حيث جودة الاستغلال، ففي بعض الولايات نجد أن بعض الأراضي في المنطقة الصناعية ما هي إلا أسوار خالية غير مستغلة، وبعضها يحوي أكوام مخلفات صناعية، أو هي بمثابة أراض مسوّرة تستخدم كمخازن وبطرق عشوائية.
١٠- ضرورة تثبيت ميزان إلكتروني على مداخل المنافذ المختلفة في السلطنة والمدن الصناعية لوزن الشاحنات آلياً ورصد المخالفات إلكترونياً للتي تحمل شحنات فوق المعدّل المسموح به بما يضر ويؤثر على الطرق العامة ويقلل من عمرها الإفتراضي فلعل ذلك أنجع مما معمول به الآن.
١١- إعادة النظر حول إيجاد كامل البنى الخدمية في المخططات الإسكانية قبل توزيع الأراضي على المستحقين، لما لذلك من أضرار تالياً على الطرق والمساكن والمنشآت والتسبب في إزعاج السكان من ضوضاء وتطاير الأتربة على بيوتهم ومقتنياتهم.
١٢- توسيع المسطحات الخضراء بين الطرق والمتنزهات، وإيلاء الأشجار البرية أهمية من حيث زيادة زراعتها والاعتناء بها وتشديد الرقابة على الأخضر منها لحمايتها عن العبث من قبل هواة إفساد الطبيعة، والتنسيق مع المختصين في السلطنة للعمل على إعادة المسوّغ القانوني لمن يعتدي على شجرة برية خضراء بتضمين فقرة لإلزامه قضائياً أو إدارياً بزراعته شجرة بديلاً عن التي اعتدى عليها وعنايته المستمرة لها حتى تنمو وتشب، وكذلك الحال لمن يترك نفاياته وفضلاته في المواقع السياحية والأماكن العامة دون وضعها في أوعيتها المخصصة.
١٣- عدم اقتصار معارض المنتوجات العمانية الموسمية كمعرض التمور والعسل والمنتجات الزراعية مثل الثوم والبصل والعنب على موقع معين بل تعميم ذلك ليشمل كافة محافظات السلطنة، وكذلك معرض الكتاب لتستفيد من مثل هذه المعروضات أكبر شريحة من أفراد المجتمع في السلطنة من المواطنين والمقيمين وزيادة مداخيل المزارع المالية كنوع من الدعم الغير مباشر له، وبما يعود بالنفع والحراك الاقتصادي على المحافظة أيضاً،، وغيرها من المشاريع الخدمية ذات العلاقة والتي تلامس احتياجات المجتمع وتعد نافعة للوطن في آن.
وعُمان ستظل تنتظر منا جميعاً المزيد من البر بها ونكران الذات لأجلها وهي التي تستحق فعلاً الكثير والمزيد من الجهد والعطاء، فوفق الله تعالى كل من منح الثقة السامية بالتكليف الوطني المقدس وأي متربع على مقعد حكومي في أي موقع من مواقع العمل العام، وجميعنا مدعوّين كعمانيين للوقوف إلى جانب أولئكم الأشاوس الشجعان الذين نذروا أنفسهم لخدمة هذا البلد المعطاء يداً بيد، لتبقى سلطنتنا الغالية شامخة زاهية بين الأمم كجوهرة برّاقة متلألئة كنجمة في ليلة ظلماء في السماء لامعة على مدى الأزمنة والدهور القادمة.