التغييرات في المناصب العليا وإعادة الهيكل التنظيمي
سلطان البوسعيدي
قال تعالى (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ )[آل عمران 159]،وقال تعالى (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ)[الرعد 11].
إنّ سياسة التغيير في المناصب من أهم الأعمال التي قام بها قائد البلاد المُفدّى وهي ممارسات قديمة اتخذها القادة في عملية التجديد وتحسين الأداء الوظيفي للمؤسسات والاستمرارية في النجاح. ولإتاحة الفرصة للأجيال الناشئة للنهوض في مساعدة بناء الدولة. فالتغييرات التي حدثتْ منذ تولي الحكم السلطان هيثم -حفظه الله ورعاه- جاءت متوالية والأمر ليس انتقادًا لِأصحاب المناصب السابقة ولا تقليلًا من شأنهم فهم كانوا عند حُسن ظنّ القيادة في البلاد، وعملوا فأخلصوا واجتهدوا، وانتهى دورهم المنوط بهم.
فالتغييرات مهمة جدًا، والأشخاص الذين تمّ تعيينهم في هذه المؤسسات لهو تكليف ومسؤولية على عاتقهم خاصة ونحن في مرحلة تختلف عن المراحل السابقة أو التي قبل انخفاض أسعار النفط وجائحة كورونا وارتفاع نسبة الباحثين عن العمل وهم أيضًا في مرحلة تنفيذ رؤية 2040 في بداية العام القادم.
فمرحلة انخفاض أسعار النفط جاءت بعواقب كثيرة منها تباطؤ النمو الاقتصادي والتضخم وتوتر العلاقات الدولية في مختلف المجالات وتذبذب الأمن والأمان الوظيفي، وقلق في تحقيق الاستثمار، مما أدى ذلك إلى تغيير في السلوك العام للحكومة ومؤسساتها وأفرداها وذلك تماشياً مع التغيرات العالمية.
فالسلطنة هي من الدول التي ينصبّ اعتمادها على النفط بنسبة كبيرة وهذا الانخفاض أدى لخلق كثير من التحديات والصعوبات في البلاد، فهذه التغييرات جاءت مناسبة في مرحلة الإصلاح ومواصلة لبناء الدولة التي أسسها رحمة الله عليه السلطان قابوس -طيب الله ثراه- وجاء جلالة السلطان هيثم -حفظه الله ورعاه- ليكمل مسيرة النمو، فالمشاريع التي تم إنجازها كثيرة، وما زالت هناك مشاريع قيد الإنشاء، وهذه المشاريع إذا تم العمل بها على حسب الخطط المرسومة من قِبل القيادة الحكيمة وبمساعديها؛ سوف تحقق بالفعل النمو الاقتصادي والتغلب على تلك العقبات والتحديات.
وأيضًا يتمّ ذلك بالمواصلة في التطوير والتجديد في الأفكار لمواكبة الزمن فالعالم سريع في التقدم وذلك باستغلال العقول النيرة والصغيرة والشابة ولكي بالفعل نكون في قطار التغيير لا بدّ من تمكين الشباب وإتاحة الفرصة لهم وضخّ دماء جديدة بأفكار جديدة في عملية التغيير والإصلاح.
وأقترح هنا بعض النقاط التي ربما تكون جيدة في تحقيق النجاح خلال عملية التغيير في المناصب للدولة وذلك عبر دمج عدد كبير من الشباب بمختلف تخصصاتهم داخل مؤسسات الدولة وفق برنامج تدريبي محدد ومعدّ بالتعاون بين عدة جهات رسمية ووزارات وهيئات، ينفذه أساتذة متخصصون من مختلف الجامعات الحكومية في مختلف الأعمال التي تقوم بها، والهدف من هذه المبادرة هو خلق جيل جديد من الشباب والمسؤولين التنفيذيين لأجهزة الدولة المختلفة ليكونوا في المستقبل هم المسؤولين في هذه الجهات، كذلك اختيار أشخاص من الشباب يكونوا نخبة منهم لكي يساهموا في عملية التخطيط، وإعطائهم فرصة في إعادة الأولويات وإتاحة الفرصة لهم في التغير المؤسسي، وأيضًا إتاحة الفرصة للشباب بتشكيل برلمانات وتشكيل أعضاء منشقين من أعضاء مجلس الشورى والبلدي والرؤساء التنفيذيين وتكون لهم مجالس إدارية بشكل مشابه ومصغّر من المجالس الأساسية ويشاركوا المجالس الأمّ في إطروحاتهم.
وفي المجال الرياضي والثقافي أقترح أن يكون أكثر شمولًا وأن يتم تغيير مسمى وزارة الشؤون الرياضية إلى مسمى أشمل ليضمّ الجانب الثقافي وذلك بإنشاء مكتبات تابعة للأندية الرياضية ولها من الجانب الإداري والمالي بالمثل وتقام مسابقات تماثل الأنشطة الرياضية وتكون دورية.
أيضا زيادة المخصصات المالية لهذه الجهة وأن يكون هناك تعاون بينها وبين الجهات الرسمية في تسهيل المعاملات للمساعدة في النهوض بمستوىً جيد.
وفي المجال السياحي فتْح المجال للشباب ومساعدتهم في فتح الأنشطة السياحية فإن هذا النشاط من الأنشطة الواعدة في المجال الاقتصادي وتحقيق عوائد مالية في المستقبل والحكومة قد عملت في ذلك ولا بدّ من استثمار الجيل من الشباب في هذا المجال من خلال عمل دورات و عقود لهم في المجال السياحي والشركات العاملة في هذا المجال.
هذه الظروف والتحديات يجب أن نجعلها ظروف إيجابية ونكون أكثر تفاؤلًا بالتغيير في المناصب وإعادة الهيكل التنظيمي وهذا يعني تغيير في سلوك الفرد والمجتمع وهذا التغيير لا يحدث إلا بتكاتف الجميع من حكومة وقطاع خاص وأفراد.
وجهاز الدولة الإداري أصبح الآن قوياً في قضية الفساد ومواجهته وتصدّيه بشتّى أنواعه وهذا يساعد في تخطّي كثير من العقبات التي كانت تواجهنا في تحقيق النمو الاقتصادي للدولة، وقال تعالى (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)[التوبة 105].