“أمي .. أمنياتي”
العنود الهنائية
– لا أَودّ أنْ أحادث أحدًا، قلبي متهشم إنّه ينتَحبُ فِي الزّاويةِ اليسرى منْ جَسدِي، لا أعلمُ كيف أشرح الأمر ولكنّه يُشبِه كما لوْ أنني تعلّقتُ بخيطٍ رفيعٍ فوقعتُ فجأةً على الأرضِ، تمامًا كـكأسٍ منْ زجاجٍ وقعَ منْ أعلى الرّف رُغم أنّه حُفِظَ بعنايةِ الأم الشديدة،.
– هلْ تعلمين كيفَ حالي يا أمّي في هذهِ اللحظةِ؟
أشعرُ بأن فِي كلّ مرةٍ يُغلقُ البابُ في وجهي بقوة أشدّ من التي سبقتها، ورغم ذلكَ ما زلتُ أحاولُ حتّى هذه الثانية التي سبقتْ كتابة هذا الحرف، إنني يا أمّي حَزينةٌ ومتوحدةٌ مثلَ الكَآبةِ ولا أعتقدُ أنْ هناكَ حلّا قَادرًا على جَبرِ كَسْري هذا، يا أمي كيفَ أخبركِ بأن قلبي تعلّقَ بأحلامٍ كثيرةٍ رغم أنّكِ نَبّهتني مرارًا أنْ لا أفعل شيئًا كهذا وأنْ لا أرْضَخ لمشاعرِ قلبي التي تأتِي في لحظةِ اندفاع، ولكنْ أيضًا أخبرتني أنْ لا أتحاشَى شيئًا يُشعرنِي بالطمأنينةِ، يا أمّي أنا بقيتُ مُعلّقة هناكَ فِي المنتَصفِ بينَ ما قُلتيه لي لا أعلم إلى أينَ أتّجِه إلى هذه أو تلك، في كلِّ مرةٍ يا أمّي أظلُ تائِهة في منتَصفِ بحر كلماتكِ لا أعلم إلى أيّ الضّفتين ألجأ، لذلك أختارُ أنْ أغرق على أنْ أكسر أوامركِ، أنا يا أمّي من جيلٍ يختلفُ عن الذي أتيتِ أنتِ منه، يا أمّي إنْ أفكاركِ مرهقة لعقلٍ كـعقلي المنفتحُ على العَالمِ الذي حوله، وحِملُ آرائكِ ثقيل على كتفيّ النّحيلين، تعلمين أنّني دائمًا ارْكضُ نحوكِ حِينَ يكونُ عليّ أنْ أختار بينكِ وبينَ ما أُريد، لذلك أتمنّى أنْ تدفعيننِي ولوْ مرة واحدة للأمامِ دونَ أنْ تُحمّلينِي بفكرةِ الرّجوعِ حِينَ أصل بالقربِ مما أريد.
– يا أمّي حَتّى أنّني لمْ أَرَ النّور منذُ آخرِ مرةٍ أغلقتِ نافذة أحْلامِي حتّى لا يَأتينِي طيفُ الأمل متسللًا كما يفعل كلّ ليلة، أَمَا قدْ رَأيْتِِ أشلاءً مَلقِيّة أسفل مخدّتِي وأنتِ تُرتّبِينَ غُرفتِي كلّ صباح، هلْ تعلمينَ ما هذهِ يا أمَي؟
إنّه قلبي كلّ ليلةٍ يتحللُ جزء منه، إنني فارِغَة منْ الدّاخلِ لا تغريكِ ابتِسامَتِي فإنّها زَائِفة لا تُحَاكِي ما أشعرُ بِه أبدًا، هي أيضًا تعبتْ منْ كلّ هذا وتنوي أنْ تشنّ عليّ الحرب.
– منْ يعيش هكذا يا أمّي أخبريني!!
قلبٌ فارغٌ وابتسامةٌ زائفةٌ وروحٌ تائِهةٌ تطرقُ السّقفَ كلّ ليلةٍ معلنةً الرّحيل لولا أنني توسّلتُ لها على أنْ لا تذهب وتترككي وحيدة يا أمّي، أعلمُ أنْ لا أَحَدَ هنا فِي هذهِ الظلمة معكِ سِواي أنَا، تعوّدنَا كِلانَا نخبزُ خبزًا منْ أسى ونقسّمُ الرّغيفَ بيننا، لقدْ أعطيتنِ فِي كلّ مرةٍ الجزء الأكبر يا أمّي ولقدْ تشبّعتُ منه لدرجةِ أنني لمْ أعد أتحمل ولا أطيق ابتلاعه يا أمّي، لقد فاتني قول الكثير يا أمّي وأنا واقِفَة أهزُّ بِرأسِي لكِ وأجرُّ أذيالَ الخيبة وراء أوامركِ يا أماه، فارحمِي ضعْفِي وقلّة حيلتِي.