2024
Adsense
مقالات صحفية

حكايا .. العيد في السودان

عصام بن محمد الصولي

للعيد في السودان طعم مختلف، فكيف إذا كان العيد هو عيد الفداء أو الأضحى أو كما يحلو للسودانيين أن يسموه بالعيد الكبير والذي يزيده جمالا على جمال أنه ارتبط بفريضة هي من أركان الإسلام وهي الحج وما أدراك ما شغف أهل السودان بالمشاعر المقدسة والشعائر التعبدية لما عرف عنهم من تدين مركوز منذ القدم أيام كانت الحجيج السودانيين تفِد للأراضي المقدسة ركبانا على ظهور الجمال وراجلين في سفر قاصد قد يستغرق شهورا متطاولة حاديهم في ذلك الشوق لزيارة الحبيب المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه والتزود حد المشاش بإيمانيات تستوعب جنان “الزول” السوداني وتبقى ذكراها ما بقي على ظهر هذه البسيطة.
نعم وفي ذلك حكايا وذكريات يحدث بها الأجداد الآباء ويحدثونها للأبناء وتنتقل إلى الأحفاد في سلسلة من الإنس اللذيذ.
فلا غرو أن تحتشد الذائقة السودانية بصور وأخيلة لهذا الكرنفال السنوي والذي يرفد أيام وليالي العيد الكبير بطاقة روحية وقيمية يخيل لك معها أن شعب السودان بإحيائه للأعياد فريد في عصره ووحيد زمانه.

وما أن تحل العشر المباركات من ذي الحجة إلا وتتحول كل ساحاتنا إلى كرنفالات من الفرح وتتزين الدروب والطرقات وتنشط حركة السفر بين الولايات حيث يغادر نصف سكان العاصمة الخرطوم لقضاء العيد مع ذويهم حتى تتحول الخرطوم الخالية كأنها مدينة للأشباح وتعلو التكبيرات ونسمع من كل مكان
لبيك اللهم لبيك
لبيك لا شريك لك لبيك
أن الحمد والنعمة لك والملك
لا شريك لك
ومع يوم عرفة يتنادى السودانيين زرافات ووحدانا في صيام جماعي وإفطار جماعي ولتتحول ساعات الوقوف بعرفة إلى نموذج مصغر وفيها يحاكي أهل السودان ضيوف الرحمن في التبتل والسمت والوقار.
وما أن تهل صباحات العيد السعيد إلا ويتبارى الأطفال في نشاط وحبور صوب الساحات العامة مرافقين لآبائهم لتأدية صلاة العيد والمعايدة والطواف على بيوت الأهل والأقارب والجيران.

لتأتِ ذروة سنام المتعة حين أوان ذبح الأضحية ومشاركة الكبار ومعاونتهم في تجهيز مستلزمات الأضحية.

نساء بلادي لهن مع فنون الطبخ صحبة فهن الخبيرات في تشكيل المائدة السودانية بشتى صنوف المأكولات والأطعمة لاسيما (الشية) سيدة المائدة السودانية بلا منازع إلى جانب ولع السودانيون ب (المرارة) و (الكمونية) وتطبخان من أحشاء الأضحية وهناك نوعا آخرا من (الشية) ذات مذاق شهي وطيب تعرف عندنا ب (شية الجمر) ومن اسمها تدرك أنها تطبخ على الفحم.

وبما أن السودان رائد في إنتاج الثروة الحيوانية عرفت الشعوب العربية الضأن السوداني طيب المذاق ويعرف أيضا ب (السواكني والحمري).
ورغم ضيق ذات اليد والتدهور الاقتصادي، يحرص أغلبية السودانيين على شراء الأضحية وإحياء الشعيرة والإغداق على البيت والتوسعة لهم وعلى المعدمين والفقراء.
تتأنق وتزدان أيام العيد بالزيجات السعيدة والليالي الملاح والأعراس السودانية ذات الطقوس المميزة والتقاليد المتوارثة وما أدراك ما الطرب السوداني الأصيل.
ولا تنصرف أيام العيد إلا بعد أن توسم المشهد السوداني الاجتماعي بحلو الذكريات وأمتع اللحظات التي تعلق بالوجدان ولا يمحوها إلا حلول عيد السنة المقبلة لتتجدد الأفراح وتعم البهجة.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights