ثقافة العجز
خولة كامل الكردي
هل تخيل المرء يوماً أن يقف على حافة جبل على وشك السقوط ولا يسقط؟ أم حاول أن يقذف نفسه في البحر ويواجه الغرق! أم هل حاول أن يبقى في حفرة تحت الأرض بلا هواء؟ هذا بالضبط ما يشعر به المرء العاجز عن التفكير للقيام بخطوة تنقذه وتنقذ من هم أعزاء عليه .. يتمنى القيام بشيء يرفع عنه الألم ولا يستطيع، ينظر لأحبائه وهم يتألمون وتخونه قدراته، يتضور أطفاله جوعا لكنه يقف متسمرا بلا حول ولا قوة هذا هو العجز بعينه. في كل يوم يدخل دائرة الفقر في هذا العالم أناس جدد، لا يعرفون كيف حدث لهم ذلك ومن المسؤول؟!
الاقتصاد العالمي بات على وشك الانهيار .. حيث توالت الضربات من كل حدب وصوب، وأصبح العالم في حيرة من أمره، وصار الخوف على فقد أمنه الغذائي والمائي هاجسا لا يفارقه.
فوباء كورونا هوى بالاقتصاد العالمي إلى درجات غير مسبوقة، فكثيرة تلك المؤسسات والشركات والمصانع التي استغنت عن موظفيها وعامليها، بسبب عدم القدرة على دفع رواتبهم، مما ترتب عليه إقفال أبواب رزق كانت مصدرَ عيشٍ لأسر كثيرة.
الحكومات بالطبع عاجزة عن فعل شيء تجاه الأسر التي كانت تعيش على خط الفقر فأصبحت تعيش داخل بؤرة الفقر، وصار الحل مشكلة عويصة يصعب حلها .. فالأزمة تصاعدت سنة بعد سنة، والأمل بالانفراج لا تبدو بوادره قادمة، والأمل في انتشال الناس من فقرهم لا يلوح في الأفق مطلقاً، لقد لجأ بعض الناس إلى امتهان أعمال غاية في البساطة مع عائد زهيد، على الأقل يمكنهم من شراء خبز لإطعام أطفالهم وحمايتهم من الجوع والتسول، فالحروب والنزاعات والكوارث الطبيعية لم تدع مجالاً للإنسان كي يدبر نفسه ويتخلص من قيد الفقر والعوز.
إن تبني مشاريعا تنموية متوسطة وصغيرة، قادرة على خلق مصدر رزق دائم ليعتاش منه الذين انقطع مصدر رزقهم وباتوا عاطلين عن العمل، فسرعة القيام بتلك المشاريع كفيل بأن ينقذ عائلات تغرق في وحل الفقر والكفاف، فالدول الكبيرة والمتقدمة اعتمدت تلك الوسيلة لمساعدة الناس على العمل، وتأمين لقمة عيش لهم بكرامة وبعيدا عن شبح الفقر والبطالة.
رجاؤنا أن تتخلص شعوب العالم من آفة الفقر للأبد، ولا يعود الإنسان خائفا من الجوع والتشرد .. فرحم الله من مسح بيده على رأس فقير أو يتيم أو مسكين .