2024
Adsense
مقالات صحفية

أهَميّة العِلْم والمَعرفة في الدِّين الإسلامي

د.سعيد بن راشد الراشدي

الحمْدُ لِله رَبّ العالمين والصلاة والسلام على مُعلم البشرية الهادي الأمين محمد صلى الله عليه وسلم وبَعْد،
فإنَّ طلَبَ العِلم والمعرفة مِنَ الأُمور الهامّة التي يَحُثّنا عليها دينُنا الإسلامي، لِذا نَجِد أنّ العِلم يُعتَبر الرَّكيزة الأساسية التي تُبْنى بِها الأوطان والمجتمعات وتَرفع مِنْ شأْن الإنسان فيها. وقَدْ أَمَرَنا الله سبحانه وتعالى بالسَّعْي في طَلَب العِلم والمَعرفة واستِغلال ذلكَ فيما يَنفعنا في دِينِنا ودُنيانا وآخِرَتنا.
حَيثُ قالَ الله تعالى في كِتابهِ العزيز في أوّل آيةٍ نَزلتْ على نَبيّهِ محمد صلى الله عليه وسلم:”
ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ مِنۡ عَلَقٍ (2) ٱقۡرَأۡ وَرَبُّكَ ٱلۡأَكۡرَمُ (3) ٱلَّذِي عَلَّمَ بِٱلۡقَلَمِ (4) عَلَّمَ ٱلۡإِنسَٰنَ مَا لَمۡ يَعۡلَمۡ (5) سورة العلق (1 – 5).
وقالَ الله تعالى في مُحكَم التنزيل: ” وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ” سورة النمل (15).
ونَجِد كذلكَ في سُورة النحل قولهُ تعالى:” ومَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ” (43).
وقال تعالى:” أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ” سورة الزمر (9).
ونَجِد كذلك قولهُ سبحانه وتعالى في كتابهِ العزيز:” إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُور “سورة فاطر (28).
ومِنْ هُنا فإننا نَجِد أنَّ الرسالة الأُولى للمُسلمين أصبحتْ بذلك هِي البحث عنِ المَعرفة والتَّمعُّن فيها وفي أهميتها مُنذ بداية ظُهور الإسلام. وقد اشتملَت الكثير مِنَ الآياتِ الكريمة في القرآن الكريم على الدَّعوة إلى التمعن والتفكُّر في أمْرِ الكَون والإنسان والحياة بصورةٍ عامةٍ وغيرها مِنْ مَظاهِر مَعيشة الإنسان على وجهِ الأرضْ.

وقد حثَّنا هادينا إلى الصِّراط المُستقيم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على طلبِ العِلم والبحث عن المَعرفة، ونجِد ذلكَ في الكثير مِنَ الأحاديث النبوية الشريفة التي بيّنت أهمية العِلم والعُلماء، ومِن تلكَ الأحاديث الشريفة:
عنْ أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أنّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: ” مَن سلَك طريقاً يلتمِس فيهِ علماً سهَّل اللَّه لهُ طريقاً إلى الجَنة” رَوَاهُ مُسلِمٌ.
وعن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” بَلِّغوا عنّي ولَوْ آية، وحدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حَرَج، ومَنْ كَذبَ عَلَيّ مُتعمداً فلْيتَبوَّأ مقعدَهُ مِن النّار” رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
وعن أبي هُريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: قال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ” إذا ماتَ ابنُ آدمَ انقطعَ عمَلهُ إلّا مِن ثَلاث: صَدَقة جارية، أو عِلمٌ يُنتفَع بِه، أوْ وَلَد صالحٌ يدعو لَه” رَوَاهُ مُسلِمٌ.
وعنْه أيضاً رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أنّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: ” مَن دعا إلى هُدىً كانَ لهُ مِن الأجْر مِثل أُجور مَن تبِعَهُ لا يَنقصُ ذلكَ مِن أُجورهمْ شَيئاً. رَوَاهُ مُسلِمٌ.
هُنا يَتّضح أنَّ الدِّين الإسلامي حَرصَ كُلّ الحِرصِ على طلَب العِلم والحَثّ عليه والبحث عَنِ المعرِفة والسَّعي دائماً في طلَبها؛ لِمَا لَها مِن أهميةٍ كبيرةٍ في حياة الإنسان في دِينهِ ودُنياه وآخِرَتِه.
مِمّا يَعكِسُ ذلكَ جَلِيّاً على أهمية العِلم والمَعرِفة ومَكانَة حامِلي لِوائِهِ في الدِّين الإسلامي، وقد اقترنَ الدِّينُ الإسلاميّ الحَنيف بِالتَنشِئة التَّربوية لِلفَرد بِصورةٍ شاملةٍ ومُتكاملة؛ لِيَنشَأَ الفَرْد مُتَمَسِّكاً ومُعتَزَّاً بدِينهِ وخُلُقِهِ الذي تَشَرَّبَهُ وتَرَبّى عليهِ مِنْ تَربيَتهِ الإسلامية. وعلى الرّغم مِنْ كَونِ البَحث عَن العِلم والمَعرفة غريزةٌ لَدى البَشر فإنَّ الإسلام أَثارَ هذهِ الغريزة وسَيَّرها مِنْ أجْلِ الإنسان لِتنمية مَدارِكِهِ وتطويرها وتَمْكينهِ مِنَ الانتفاع مِنَ المَوارِد الطبيعية في الأرضِ وخيراتها؛ لِيعيشَ حَياةً تربويةً إسلاميةً كَريمة وقَد جَعل طَلَبَ العِلم فَريضةً على كُلّ مُسلمٍ ومسلمة.
وبَعد هذا العَرْض الرَّبّاني الجميل من آياتِ الذِّكْر الحكيم والأحاديث النبوية الشريفة على صاحِبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم، والتي بيَّنَتْ أهمّيةَ العِلم والسَّعي وراءَ طلَب المعرفة في الحياة بِمُختَلف مراحلها، حيثُ نَجِد أنّ العِلم هو الرُّكن الأساسيّ في عملية البِناء والتَّطوير لِلدُّوَل والشُّعوب والمُجتمعات، ويُعتَبر المُحرِّك الأساسي لِتنمية الفِكْر لَدى الأفراد ليعيشوا حياةً كريمةً وسعيدة؛ ولِيكونوا بُناةً لأوطانِهمْ ومُجتمعاتِهم التي يعيشونَ فيها

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights