عبثية التوقيع
عبدالله بن سالم الحنشي
اتخذت الدولة منذ عصر النهضة المباركة بقيادة السلطان قابوس بن سعيد -رحمه الله تعالى – توقيع بعض الشخصيات في ولايات السلطنة “شهادة الشيخ أو الرشيد” وذلك للتأكد من الطلبات المقدمة للحكومة مثل طلب استخراج البطاقة المدنية أو جواز السفر وغيرها وذلك من خلال تأكيد الشاهد “الشيخ أو الرشيد” بمعرفته بصاحب العلاقة أو تأكيد المعلومات في المستند ليتم تأكيدها لاحقاً من قبل والي الولاية، واستمر هذا الإجراء لعدة سنين في مختلف الدوائر الحكومية وذلك لافتقار المؤسسات الرسمية لقاعدة بيانات تستند عليها، ولغياب أرشفة البيانات وفهرستها. ومن أجل مواكبة سياسات الدولة في جعل عُمان في مصاف الدول المتقدمة واتباع سياسات دولة المؤسسات والقانون فقد تم الإستغناء عن هذا الإجراء في بعض المؤسسات، وذلك لعدم جدية هذا الإجراء خاصة مع التقدم التقني وتوفر بيانات شاملة يستند عليها ولوجود مؤسسات متخصصة في مختلف المجالات. وإن تطرقنا إلى طرح أمثلة في هذا الجانب فهي كثيرة وشرطة عُمان السلطانية ممثلة في الأحوال المدنية خير مثال على هذه القاعدة، حيث اعتمدت منذ عصر النهضة على شهادة 3 شهود من أعيان المنطقة بالإضافة إلى شهادة الشيخ أو الرشيد ومصادقة الوالي أو المحافظ، أما اليوم فهذه المؤسسة العريقة تمتلك من البيانات ما يتيح لها الاستقلالية التامة في إصدار هذه الوثيقة دون اتباع الطرق التقليدية التي لا تمت بصلة بالتقدم المنشود لدولة المؤسسات والقانون.
ولكن ورغم مرور خمسة عقود منذ فجر النهضة المباركة إلا أننا نصادف في بعض الإجراءات من بعض المؤسسات مواصلة هذا الإجراء الذي أصفه بالرجعي وعدم مواكبة الهدف الأسمى للدولة، ولنأخذ مثال على هذا الأمر، اِستمارة طلب وثيقة زواج ، فرغم وجود العاقد للزواج (المليك) وهو معتمد من قبل الكاتب بالعدل لعقد الزيجات، وحضور الشهود لإثبات هذا العقد، إلا أنه يتم طلب شهادة الشيخ أو الرشيد في حال كون أحد الزوجين أو كلاهما عُمانياً ، وفي هذه الشهادة يشهد الموقع (الشيخ أو الرشيد) على صحة البيانات (رغم عدم معرفته بالزوج أو الزوجة وعدم حضوره لهذه الزيجة) وأن الشاهدين قاموا بالتوقيع بحضوره ( وهذا أمر آخر لا يحدث بالواقع)، ثُم تتلي هذه الشهادة اعتماد الوالي عليها رغم عدم صحيتها في الواقع.
ومن المفترض مع توجه الدولة لاستكمال المسيرة المظفرة نحو دولة المؤسسات والقانون وفصل الأجهزة وتيسير عملية إنهاء الإجراءات، وإلغاء اعتماد المصادقة التقليدية التي تعتمد على توقيع الشيخ والوالي في ظل الحوكمة والتحول الإلكتروني الذي بدأنا نجني ثماره في كثير من مؤسسات الدولة، فإن كان لا بد من الإعتماد في بعض المعاملات إلى مثل هذا النوع من الشهادة المحلية فيجب الإعتماد على مؤسسة مجتمعية تم اختيارها من قبل المجتمع (المجلس البلدي) وليس على شخصيات اعتبارية من خلالها نكون بين تناقض بين المفهوم المؤسسي وخلافه.
خِتاماً، عبثية التوقيع في الإجراءات التي من المفترض أن تكون مؤسسية يجب أن تنتهي وتختفي مع وجود قواعد بيانات في كل مؤسسة بالدولة، ومع التوجه العام لمسيرة النهضة لدولة المؤسسات والقانون، وعلى الجهات التي ما زالت في خطواتها الأولى رغم مرور خمسين سنة أن تحذو حذو المؤسسات المتقدمة والمشرفة مثل وليس الحصر شرطة عُمان السلطانية. حفظ الله عُمان وجلالة السلطان .
نموذج لنص شهادة الشيخ أو الشيد من المرسوم السلطاني رقم ٢ / ٨٧ الخاص بإصدار قانون البطاقة الشخصية
شهادة الشيخ أو الرشيد:
أنا الموقع أدناه أؤكد معرفتي بصاحب هذا الطلب وأنه عماني ومن أبوين عمانيين أصلا وإذا تبين للسلطات المختصة خلاف ذلك أتحمل المسؤولية كاملة:
الاسم الكامل: ………. التوقيع: ………. التاريخ: / / ١٩٨م