أصل الأتراك العثمانيين
عبد الله أحمد علي
جمهورية مصر العربية
يرجع أصل الأتراك العثمانيين إلى أقدم ظهور لهم في القرن السادس الميلادي عند قيام إمبراطورية قوية في آسيا الوسطى تمتد عبر الهضاب من حدود الصين إلى البحر الأسود أساسها شعب يدعى (تركيو) وقد حُرِّف الاسم بعد ذلك إلى (ترك) ولم يكن الأتراك القدامى متوحشين وإنما حظوا بقدر غير قليل من الحضارة فكانت لهم لغة مكتوبة واعتنقت بعد طوائفهم الديانات المعروفة آنذاك كالبوذية والمانوية والمسيحية والنسطورية لكنها كانت قصيرة العمر وتفككت إلى طوائف متحاربة وقع بعضهم تحت نفوذ الصين .. وفي ظل الإسلام بدأ الأتراك في الظهور على الساحة وخاصة بعد سقوط الدولة الساسانية في بلاد فارس، أزال أمامهم العائق الذي كان يقف في وجه حركة الهجرة التركيوية من أواسط آسيا نحو الغرب فقد ضمت دولة الخلافة الأموية عناصر تركية لكن نفوذهم بدأ واضحا في عهد الدولة العباسية بعدما كان الاعتماد عليهم في سير دفة الأمور والحكم لموازنة النفوذ الفارسي الذي كان له اليد الطولى فبرز القادة ورجال الدولة ورجال الإدارة والحكام الأتراك ونشأت الدويلات التركية شبه مستقلّة تدين من الناحية الاسمية لدولة الخلافة ومن أهمهم الدولة السلجوقية.
وأغلب الروايات التي قيلت في حق الدولة العثمانية غير معروفة على وجه التحديد
فليس لهم تاريخ مكتوب بأيديهم قبل سقوط القسطنطينية والكتابات التاريخية العثمانية لم تنشر إلا قليلاً عن الدولة العثمانية قبل استقرارهم في الأناضول.
وعلى الرغم من اختلاف الروايات الخاصة بأصل الأتراك العثمانيين، إلا أنها تلتقي جميعًا عند إرجاع أصلهم إلى قبيلة (فابي خان) وهي فرع من الأتراك الغز أو التركمان، الذين هم بدورهم طبقا للأسطورة من نسل (يافث بن نوح)، وتعرض في تكرار ملح لقصة هجرتهم الغريبة تحت ضغوط المغول من موطنهم في آسيا إلى الأناضول إلى أن دخل أرطغرل أبو عثمان في خدمة علاء الدين الأول سلطان دولة المسلمين السلاجقة وترد تفاصيل هذه القصة على النحو التالي:
هاجر سليمان شاه مع قبيلته ومعه ألف فارس إلى بلاد الأناضول فاستقر في بلدة في شرقي تركيا الحالية قرب بحيرة أرمينيا ثم أراد العودة إلى بلاده وأثناء عبوره مع عشيرته نهر الفرات .. سقط في النهر وغرق وترك من بعده أربعة أبناء، رجع اثنان منهم إلى حيث جاءوا بينما تابع البقية المسير إلى الشمال الشرقي ومعهما أربعمئة أسرة وبينما تسير القافلة تحت قيادة أرطغرل لمحو جيشين يتقاتلان بالأناضول دون أن يعلموا شيئا عن هويتهما فسارعوا إلى نجدة الفريق الأقل عددا بدافع من النخوة ونصرة الضعيف وبفضل مساعدتهم انتصر الجيش الذي ساندوه على الجيش الآخر وكان هذا الجيش الذي ساعدوه هو من المسلمين السلاجقة والآخر كان من المغول، فما كان من السلطان علاء الدين إلا أن كافأ أرطغرل على ما قام به وأعطاه بقعة من الأرض بجانب بلاد الروم في الغرب من دولة السلاجقة
وأغلب الظن أن أسلاف العثمانيين كانو مجرد رعاة متجولين يبيعون خدمتهم لمن يبذل العطاء ثم أتيح لهم الاتصال في ظروفٍ غير معروفة على وجه الدقة بالسلطان علاء الدين الذي كافأهم على إخلاصهم بمنحهم قطعة أرض لم يقنع بها أرطغرل فشرع في توسيع دائرة أملاكه على حساب أراضي الدولة البيزنطية بالأناضول ونجح في سياسة التوسيع فضم إلى المنطقة مدينة (أسكي شهر)، ومات أرطغرل عن عمر يناهز ثلاثة وتسعين عاما، ثم تولى بعده الحكم ابنه عثمان الذي انتسبت الدولة إليه لكونه أكد استقلال الدولة التام إثر انهيار دولة سلاجقة الروم فاستحق أن يكون اسمه شعارا للدولة باعتباره زعيم لشعب محارب، وسرعان ما نمت هذه الإمارة لتصبح دولة مترامية الأطراف حكمت شعوبا وقبائلا، ومللا ونحلا، غير متجانسة، عمرها 623 عاما واختلف عليها أربعون حاكما.