مركبة تكريم الموتى
بدرية بنت حمد السيابية
رحلت أرواحهم دون وداع ، تشتاق النفس لهم، رحلوا وهم يتألمون بين زحام رعب فيروس كورونا مع أجهزة تعمل ليلا ونهارا ،ودواء ومضاد يتناوله المريض بين الحين والآخر _لعل هناك أمل للشفاء، ، فتجد بعضهم قد أهلكته أعراض هذا المرض، والحمى تنهش جسده دون رحمة، والخوف من الموت بات محتوم ومكتوب، والرضا بقضاء الله وقدره، أرواح زهقت مجبورة للرحيل، تحمل بكفن أبيض مغطاة جثثهم، يا له من منظر رهيب، تدمع العين بحرقة وتسيل على الخد بغصة وقهر، وتخرج الروح لخالقها، مودعة الدنيا وما فيها، والقبور جُهزت لضحايا كورونا دون سابق إنذار ، مصحوبين بمركبة تكريم الموتى، يكفي تشاهد هذه المركبة تمر أمام عينيك، وقلبك ينتزع حزنا وعينك تدمع ، دون وداع من الأهل والأقارب، ومالنا غير الدعاء بأن الله يرحمهم ويغفر لهم.
انتشر هذا الوباء بسرعة البرق، كشرارة اشتعلت وأحرقت كل من حولها، لتأكل الأخضر واليابس دون رحمة، لا يردعها شيئاً إلا الواحد القهار، أصبح العالمُ يصارع هذا الوباء ويحاول صده بكل طاقته دون الاستسلام ، ولكن ما يؤسفني حقا تصرفات البعض دون مبالاة، ووعي، وإدراك خطورة هذا الفيروس، فتجد البعض في تجمعات، والبعض في الأسواق، وفي الرحلات، وإقامة الأعراس والحفلات، والعزائم، وغيرها وعدم تطبيق التعليمات الصادرة من اللجنة العليا، كالتباعد الاجتماعي _ ماذا نطلق على هؤلاء من اسم؟! خسرت الدولة مبالغ طائلة لتوفير كل المعدات الطبية اللازمة، وهمها من هذا كله هي صحة المواطن وكل من يعيش على هذا الوطن الغالي.
كفاية استهتار، أصبحنا من القوائم الأولى من حيث الإصابات بهذا الفيروس المميت، لماذا نستهين به؟ ولماذا لا نقرر قرار حاسم ونكون يدا بيد للحد من الانتشار، أصبح الوضع مخيف جدا، كيف لا، وهناك مجموعة كبيرة من أعطت فرصة لانتشار فيروس كورونا، أصبحت هناك أرقام مخيفة تجاوزات الآلاف، لماذا نجلب لأنفسنا التهلكة؟ علما أن الجميع يعلم خطورة هذا الفيروس صغير أو كبير، لما هذا الاستهتار، أصبح الفيروس لا يميز بين صغير وكبير، شباب أصابهم ورحلوا وهم في عمر الزهور، الوطن بحاجة إليكم ، الجهات الحكومية وضحت للجميع كل شي كوضوح الشمس الساطعة، والإعلام له دور بارز في نشر بعض التعليمات والنصائح .
والجميع ينتظر خبر إعلان عدد الإصابات بفارغ الصبر كل يوم ، إلى أن تأتي النتيجة الغير متوقعه، نتيجة تطعن القلب وشريانه، أعداد رقمية كبيرة ومخيفة، نحن لسنا مستعدين لذلك الخبر، وناهيك عن أخبار عدد الوفيات الناجمة عن إصابتهم بفيروس كورونا يوميا، أين الوعي والإدراك؟! لماذا لا تكون هناك مسؤولية فردية؟! احمي نفسي وعائلتي كذلك، أنت أو أنتِ أتفرحون بتزايد عدد الحالات المرضية الناتجة من هذا الفيروس في البلد ، أتفرحون في نقل جثمان بمركبة تكريم الموتى، دون قبلة الوداع على جبين ميتكم، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.
أطباء لم يذوقوا طعم الراحة منذ أشهر، يعملون ليل نهار لينقذوا أروحا، يتصارعون هم والمرض من أجلكم، من أجل العيش والبقاء، عانوا كثيرا، تحملوا كل العواقب، لم تغفل أعينهم عن مريضهم، ويحزنون لفراق أحدهم، صامدون، صابرون فهم الدرع الدفاع الأول، بل هم منقذين الأرواح بعد الله، شكرا لهم من القلب، وأتمنى بأن يكون هناك وعي من المجتمع بأننا نواجه الموت بعينه، لنصارع للبقاء معا، لنبني وطننا بسواعد وكوادر شبابية، وأن نخاف على أسرنا، ومجتمعنا ونحد من الإنتشار فيروس كورونا، فليحفظ الله عمان، وقائدها وشعبها من كل الأمراض والأسقام، كلنا مسؤولون أمام الله عن أرواحنا، عن وطنا، عن أنفسنا فهي أمانة ويجب الحفاظ عليها.
شكرا لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم لكل ما قدمه للوقوف مع أبناء شعبه، شكرا لوزارة الصحة، شكرا للجنة العليا، شكرا لكل مواطن ومقيم ملتزم، شكرا لكل طبيب وطبيبة وممرض وممرضة ومضمد ومضمدة، شكرا لكل عامل وعاملة، وشكرا لكل من يقف وراء هذا الفيروس المرعب ويحد من انتشاره، اللهم احفظنا بعينك التي لا تنام اللهم آمين يا رب العالمين.