الحُب في زمن الكورونا
راشد بن حميد الراشدي
إعلامي وعضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية
المحبة الخالصة في الله هي أساس الحياة وأساس التقوى بين بني البشر وحياة الإنسان ومدنيته أساسها العلاقات تسقي روح البشر وتؤطر العلاقات بينهم فبين محبة رحم إلى محبة صديق أو صاحب إلى محبة زوجة إلى محبة من قدم لك خدمة جليلة إلى غيرها من أربطة الحب العفوية الزاكية في مسارب الحياة التي يعيشها البشر حولهم .
ومع أزمة كورونا وما ألقت ظلالها به من نتائج وخيمة على المجتمعات والشعوب تأتي الأزمات النفسية والسلوكية وتغير نمط الحياة الطبيعية في مقدمة هذه الظلال وتبعاتها فالحُب في زمن الكورونا بات فاتراً وملتهباً في آن واحد وبات وجودياً على صفحات الإنترنت الافتراضية أو مسامع الهواتف الذكية وغيرها دون أحضانٍ دافئة تملؤ النفس سعادة ووفاءً لمحبوبها
كم اشتقنا معانقة أمهاتنا وأبائنا ومشايخنا وأطفالنا وإخواننا وأصحابنا .
كم اشتقنا لنقل ذلك الحُب المكلوم بين ثنايا الأرواح لنشعر بالسعادة والراحة التي جبلنا عليها طوال سنين عمرنا .
لأول مرة في حياتنا يتوقف الحُب المحسوس ويبقى الحب المجدول على صفحات الإنترنت وعبر التواصل الهاتفي مشدوهاً لما آل إليه حالنا بسبب الجائحة .
كنا نطير من موقع إلى آخر كعصافير الصباح تبحث عن رزقها وأحبتها بين مدن في عمان ومدن خارج عمان نزور أرحاماً وجب علينا زيارتهم ونزور ونجتمع بأصدقاء يفرحنا لقاؤهم ونرحل بين وطن ووطن نستشرف فيها أحبة لنا لتتداخل المودة بين البشر فتنير سماء الحُب الخالد ضياءً بين الأحبة فتسعد قلوبهم بوصال كتبه الله أساساً لدنياهم وأُخراهم .
الحب في زمن الكورونا فرق بين الجميع والكل متلهف للقاء من يحب لكن هيهات هيهات فهشيم نار ذلك الجاثم بيننا تستعر لتحرق الأخضر واليابس وتفرق بين الأحبة في زمن المتناقضات الغريب .
الحب في زمن الكورونا زُرع بأشواك الكرونا التي لا ترحم كهلا أو عجوزا أو أماً أو طفلاً أو ولدا أو بنتاً أو حبيباً ينتظر رؤية حبيبه ليلتمس منه مسارات الحياة الجميلة المبهرة .
الحب في زمن الكورونا كم أظهر أن هذه الدنيا لا تساوي جناح بعوضة .وإنها مزرعة للأعمال الصالحة والإخلاص لله هو ديدنها الذي خلقت من أجله.
الحُب في زمن الكورونا هو الحب الذي استخلصت منه عبر الدهر وكرامة الإنسان وعظمة خلق الله التي أوجدها في عباده .
اليوم نقف صفاً واحداً ضد هدف واحد وهو ضيف أثقل العالم أجمع بمصائبه لنقول تباعدوا جسدياً لكن عيشوا اللحظة مع من تحبون بتواصلكم عبر جميع وسائل وبرامج الاتصال وأشعلوا شموع الحُب مع من تحبون من أرحامكم وأهلكم وأصحابكم وأحبائكم بتواصلكم ليبقى الكون رحيماً بهذا الوداد ويعمر بإذن الله بمحبة الله ومحبة خلقه وكونوا مع الله دوماً ليرفع عنا وعنكم هذا الابتلاء .
فالحُب في زمن الكورونا خطب جلل فتداركوا تباعده جسدياً بتقاربكم من خلال ما رزقنا الله به من تقنيات العصر .
حفظ الله عمان والعالم أجمع وأسبغ علينا جميعا نعماءه و بركاته وخيراته وأدام العز والمجد والصحة والعافية على سلطان البلاد والعباد.
# سناو
الأحد. : 20 -11 -1441 للهجرة
الموافق. : 12 – 7 -2020. للميلاد