مفهوم الرضا الوظيفي
د.سعيد بن راشد الراشدي
يعتبر مفهوم الرضا من المفاهيم القديمة، لذا نجد اختلاف العلماء والباحثين حول مفهومه، وذلك لإرتباطه بكثير من المصطلحات التي لها علاقة به كالروح المعنوية والدافعية وإشباع الحاجات الفسيولوجية للإنسان، فقد اقترن ظهور مفهوم الرضا بظهور وانتشار حركة الإدارة العلمية. إذ كانت جهود فريدريك تايلور أول المحاولات لوضع نظرية علمية لدوافع العمل. وثم جاءت بعدها نظرية العلاقات الإنسانية التي اهتمت كثيرا بالعلاقات الإنسانية بين العاملين.
ويعتبر علماء النفس أول من درس الرضا في العمل بالمؤسسات منذ عام 1930م، واستخدموا من ذلك التاريخ عبارة ” الرضا الوظيفي” للدلالة على المواقف والميول الذاتية أو لمدى تأقلم الأفراد الموظفين في وظائفهم (هاشم،2010). وهنا نجد أن العمل الذي يختاره الإنسان عن غيره من الأعمال له أثر كبير وواضح في مسار حياته العلمية والنفسية بصورة كبيرة؛ فيمكن أن يكون ذلك العمل سبب من أسباب السعادة التي يعيشها الإنسان وعامل مهم من عوامل أمنه واستقراره وراحته، وشعوره بالثقة بنفسه وقدراته، كذلك يمكن إن يكون ذلك العمل سببا من أسباب ضعف سعادته، وقلة راحته واستقراره.
ولقد ظهرت وجهات نظر عديدة ومختلفة لمفهوم الرضا الوظيفي وذلك باختلاف وجهات نظر مؤيديها، حيث ركزت بعض وجهات النظر على أن الرضا الوظيفي كمجموعة من المشاعر والاتجاهات، وقد أشارت (خطاب، 1999، 60) على أن الرضا الوظيفي هو “مجموعة من المشاعر الوظيفية أو الحالة النفسية التي يشعر بها الفرد نحو عمله”.
وقد عرفه (57 .1997Mercer,). على أنه مفهوم “يختص بردة الفعل العاطفي للفرد تجاه عمله”. كما تقول: (راوية ،2001، 169) على أنه “مجموعه من اتجاهات الفرد ناحية عمله”. ويتناوله (ماهر،1997، 43) على أنه “الاتجاهات النفسية للعاملين اتجاه أعمالهم ومدى ارتياحهم وسعادتهم في العمل”. كذلك ركزت بعض وجهات النظر على أنه عبارة عن اتجاهات ومشاعر خاصة بمهنة الفرد حيث ربطت هذه الاتجاهات بإشباع حاجات الفرد وطموحاته المختلفة.
ويتناوله (عبد الهادي،2001، 57) على انه “إشباع حاجات الفرد ورغباته وعلى وجه الخصوص تلك الحاجات التي ترتبط بتقدير الذات عن المكانة والثناء”.
ويشير إليه كلا من (فليه وعبد المجيد، 2005، 259) على أنه” مشاعر الفرد تجاه وظيفته والناتج عن الإدراك الحالي لما تقدمه الوظيفة وإدراكه لما ينبغي أن يحصل عليه من الوظيفة”.
كما يشير إليه (مصطفى ,2005 , 195) على أنه “حاله نفسيه يشعر بها الفرد وفقاً لدرجة إشباع حاجاته فكلما زادت هذه الدرجة زاد الرضا”.
وقد ذكر (عاشور,1997، 27) بأن “الرضا يعبر عن مستوى الإشباع الذي تتجه له العناصر والجوانب المختلفة للعمل فعند الإشباع ينتج درجه معينه من المشاعر الوجدانية لدى الفرد اتجاه عمله”.
كذلك أشارت إليه (شيحة، 2004) بأنه الفرق بين درجتي الإشباع من مختلف العناصر التي لها علاقة بظروف العمل كالأجر، وفرص الترقي وكذلك العلاقة مع الزملاء في العمل.
كذلك ركزت بعض وجهات النظر على أن الرضا الوظيفي يكون ظاهرة أو مفهوم متعدد الأبعاد، حيث يتمثل في الرضا الكلي الذي يستمده الفرد من وظيفته، وجماعة العمل الذي يعمل معها، ورؤسائه الذين يخضع لإشرافهم وبيئة العمل الذي يعمل فيها ((Smither,1994
وتقول: (العطية،2003). إن الرضا عن العمل هو الفرق بين كمية التعويضات التي يستلمها العاملون والكمية التي يعتقد أنه يجب استلامها حيث يمثل الرضا عن العمل اتجاها وليس سلوكاً.
وفي ضوء ما سبق نرى إن الرضا هو شعور داخلي في نفس الإنسان يتكون نتيجة كثير من العوامل التي تؤثر فيه، حيث يكون رضا الفرد شعوراَ نسبياَ يختلف من فرد لآخر حسب نوع المؤسسة، وظروف العمل، والمناخ السائد في المؤسسة، مما يؤثر ذلك بصورة كبيرة أما بالجانب لإيجابي أو الجانب بالسلبي، وهذا بدوره ويقود إلى شعور الانسان بالسعادة والراحة اتجاه عمله ورؤسائه وزملائه مما يدفعه للعطاء والتجديد والتطوير للوصول لمستويات أفضل من الأداء المؤسسي أو العكس.