مقال: العدالة الإدارية في بيئة العمل
محمود بن خلف بن ناصر العدوي
لا يختلف اثنان على أن العدالة من أهم المبادئ الأساسية في ديننا الحنيف فمنذ أن خلق الله البشرية طالبهم بتطبيق العدالة في جميع أمور حياتهم العملية والعلمية حيث قال سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز “. إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ ” سورة النحل الآية (90)، وهدى رسولنا الكريم صل الله عليه وسلم أكد على ذلك فكان يتعامل جميع أصحابه بمبدأ العدل والإحسان دون تمييز في لون أو نسب أو غيرها من الأمور التي باتت معول هدم لمفهوم العدالة.
وتشكل العدالة الإدارية في بيئة العمل جانباً مهما ومفصليا في زيادة الإنتاجية ، فحين يشعر الموظف بأنه جزء لا يتجزأ من المنظومة المؤسسية التي يعمل بها مهما كان مستواه الوظيفي فإن ذلك ينعكس إيجابياً على إنتاجية المؤسسة الذي يقاس من خلال ارتياح طالبي الخدمة وأيضاً من خلال تأدية الموظف لواجباته ومهامه بشكلٍ صحيح وسليم ومتقن دون تكاسل أو تَراخَى.
ولكن عندما تنعدم أو تكون العدالة الإدارية في بيئة العمل ضيقة وغير مفعلة بشكلها المطلوب فإنها تؤدى إلى اتساع دائرة الحقد والبغضاء فيما بين الموظفين أنفسهم أو ما بين الموظف والمسؤول فتتحول طاقاتهم الايجابية إلى طاقات سلبية لا تخدم المؤسسة بأي شكل من الأشكال كما أنها ستصبح بلا شك بيئة سلبية قاتلة للإبداع والتطوير وبيئة تجعل العقول المبدعة والمخلصة تفكر بالهجرة إلى مؤسسات أخرى تتسم بالعدالة الإدارية فينعكس ذلك سلباً على المؤسسة التي
لم تحتوى تلك العقول الاحتواء العادل.
ومن الأشكال أو المشاهد التي تهدم أو تضيق دائرة العدالة الإدارية في بيئة العمل اهتمام بعض المسؤولين بفئة معينة من الموظفين دون غيرهم لأسباب في كثير من الأحيان يجهلها الموظف الذي يمتلك روح المبادرة وروح الإبداع ولديه من الطاقات ما تجعله ينتج بضمير حي، فالعدالة الإدارية هنا تتطلب أن لا يكون هناك تحيز مع حجب الأسباب أو غلق الآذان وكأنها لا تسمع شيئاً، كما أن العدالة الإدارية تلزم المسؤول أن يكون عادلاً منصفاً بين جميع موظفيه فإذا حصل اهمال أو تقصير في تأدية الواجبات والمهام من قبل من أحد موظفي المؤسسة فعليه من باب المسؤولية وحتى يكون هو أيضا منصفا وعادلا إدارياً مع ذاته أن يوجه ذلك الموظف التوجيه السليم مستخدماً في ذلك أدوات التدريب والتأهيل أو من خلال تطبيق التشريعات والقوانين الحكومية بما يتناسب مع حجم الإهمال والتقصير. فنحن اليوم هدفنا واحد ومشترك وهو النهوض بالوطن وجعله في مصاف الدول ذات عالية الإنتاجية، يؤخذ من مؤسساتنا نموذجا يحتذى به في باقي الدول لمبدأ العدال الإدارية.