العالم العربي وهيمنة الدول العظمى
خميس بن محمد الهنائي
الأمن والسلام هما أساس هذه الحياة السعيدة، ولا يتحققان إلا بالإيمان الحق والتقوى على أساس العدل والمساواة وعلى ولي أن ينتهج مبدأ العدل والمساواة في حكمه مع رعيته وممن له معهم مصالح مشتركة ،كما جاء به الإسلام الذي بين لنا الحقوق والواجبات مع الشعوب الصديقة والشقيقة التي تربطنا بهما عقيدة الدين واللغة والتاريخ والعادات الاجتماعية والقيم الإسلامية السمحة وكذلك الديانات الأخرى السماوية ،بعقيدتها الصادقة التي لا تدعو إلا للسلام والمحبة والتسامح .
لذا ستبقى الأمم في أمن وسلام إذا ما تمسكت بكتاب الله وسنه نبيه الكريم، وابتعدت عن الصراعات والخلافات وعملت على لملمت ما يخدم شعوبها والأخذ بها إلى بر الأمان وعدم التدخل في شؤون الغير وما يدور بين الدول من صراعات وحروب ما وراءها إلا الخراب والدمار وتفكك الأسر والمجتمعات .
مما لاشك فيه إن في إيجاد المنظمات والمجالس الدولية التي تعنى بحقوق الإنسان ، والدول على حدٍ سواء إنما هو لأجل تحقيق ميزان العدل والسلام وبالتالي خلق بيئة آمنة خالية من الانتهاكات الإنسانية والاعتداءات الغاشمة بين الدول ذات السيادة والاستقلال.
إلا أن اليوم أصبحت اصدار القرارات الدولية تحكمها دول كبرى على دول وتكتلات لا حولة لها ولا قوة في مواجهتها ،وذلك لما تملكه هذه الدول العظمى من قوة واسعة تعمل على أساسها أحكام وسيطرة وما يتوافق وقراراتها السياسية تحقيقاً لمصالحها الخاصة ، وخدمة حلفاءها .
حيث أصبحت هذه المنظمات والمجالس الدولية ما هي إلا أداة تحكمها هذه الدول ،وعلى أثره سادت الفوضى وعمت الفتن وضعف الأمن وسلبت الحقوق وانتهكت الأعراض وتولدت جراء ذلك تكوين جماعات إرهابية ساهمت في إثارة الفتن وإحياء النعرات الطائفية المذهبية من أجل تحقيق أهدافها ومصالحها على حساب حقوق الإنسان وسيادة الدول .
لقد صعدت لغة التهديد بأشكالها السيادية أمام ملء ومسامع المنظمات الدولية وتصاعدت التوترات بين الدول ذات الموارد والثروات الطبيعية الغنية وبين الدول الفقيرة واستخدمت الأساليب والقرارات الغير مدروسة وتكونت التحالفات والتكتلات الإقليمية والدولية لتحقيق المزيد من الأهداف ذات الطابع الدولي الغاشم وغير مدروس بهدف استعراض القوة والهيمنة على حساب سفك الدماء وانتشار الفقر وتشريد الأبرياء وهذا ما هو كائن في عالمنا اليوم والأمثلة على ذلك كثيرة اتجاهه العديد من الدول العربية والإسلامية إلى هذا التيار ومارست سياستها القاصرة التي لا تجلب إلا الخراب والدمار والرجعية لشعوبها وبالتالي الفوضى والسمعة السيئة وخلق الخلافات الداخلية وشجب الثقة عنها إقليميا ودولياً ناسيةً بذلك الروابط الإسلامية والقيم الدينية السمحة الداعية إلى الوحدة والتسامح والتعاون وإحلال السلام ونبذ الخلاف والأخذ بالرأي والتفاوض وعدم الاعتداء على الغير .
لقد دعانا ديننا الحنيف إلى التحاور وحل الخلافات ووضع الحلول لأي مشكلة أو خلاف قائم سواء على مستوى الدول أو الجماعات وحثنا إلى عدم الإسراع أو التسرع في اتخاذ القرار إلا بعد ما تستنفذ كل الآراء والخيارات المطروحة وكتاب الله العزيز أشار إلى هذا الجانب وبين ما نقوم به لفك الخلاف بين الشعوب والدول المسلمة وغير المسلمة وما عدا ذلك يعتبر انتهاكاً لحرمتها وحرباً واعتداءً عليها ومساس لسيادتها وشرعيتها .
أن الناظر اليوم والمتتبع لأحداث العالم المختلفة يجد الصراعات والخلافات قائمة وآخذه إلى التوسع والانتشار بطرق وأساليب منها استخدام لغة التهديد والشتم أو ما يسمى الحرب الباردة ومنها استخدام السلام المدمر الهادم للبنى التحتية وازهاق الأرواح وتشتت الأسر والتدخل الواضح في شؤون الدول الداخلية التي ما وراءها إلا إيجاد الشر وانتشار الفساد وخلق المفسدين وتولد جراء ذلك بروز جماعات وأفراد متطرفة محملين بأفكار هدامة تنافي الدين والعقيدة السمحة واللغة والتاريخ وهي لا شك مرتكزات الحضارة والتقدم العصري وإذا ما نظرنا إلى خارطة العالم اليوم من هذه الأحداث نجد في بعض الدول العربية تمارس هذه السياسة الغاشمة على أرضها وما أحداث بعض الدول العربية اليوم وما صدر منها والبلاء الذي حل على غيرها ونشوب الصراعات والحروب الإقليمية الداخلية والخارجية والتي ما زالت تحكي لنا الواقع وذلك من خلال اتباع تلك الدول المعادية الحاقدة سياسة تحقيق المصالح الخاصة والصراع على السيادة والسلطة كلها لأجل تحقيق وتنفيذ سياسة الغرب ومساعدته التي تقوم على هدم الدين والوحدة العربية والاسلامية.
في ظل هذه الأحداث علينا كشعوب مسلمة التحرك في تحقيق السلام الشامل فيما بينها وذلك بنبذ الخلافات القائمة بمختلف مستوياتها وإيجاد لغة التخاطب وتحكيم رأي العقل والضمير الحقه والرأي السديد والعمل المشترك على إخراج الوضع الراهن التي تعيشه الشعوب العربية إلى بر الأمان والسلام وهذا ما يتحقق إلا بوجود الحاكم العادل والشعب المسالم المؤمن الغيور على دينه ووطنه وعروبته .
بالنظر إلى ماضي دول الغرب نجد تاريخها يحكي لنا ما كانت عليه من تخلف ورجعية حضارية في وقت كانت الدول العربية والإسلامية تزهو وتنعم بالحضارة المزدهرة في مختلف مجالات الحياة واستمر الأمر عقود وقرون طويلة وإذا ما تساءلنا وما هو وراء ذلك نجد أنه التمسك بتعاليم الإسلام الحقه وما جاء به من الشرائح السماوية السمحة على صاحبها نبينا محمد عليه الصلاة والسلام لخدمة الشعوب كلها دون تميز أو تفرقه يخاطب العالم كله على كلمة سواء وعقيدة واحدة لا يؤمن بالرجعية بل يدعو إلى الخير وينشر السعادة للبشرية جمعا ويدعو إلى الوحدة ونبذ الخلاف وخلاصة الأمر على المرء أن يتعلم من أخطائه ويستفيد من تجارب غيرة وأن يستمر في تقييم ذاته ومراجعة نفسه ويسعى على تطوير العمل بما يتوافق وإمكانياته وقدراته للوصول إلى تحقيق الأهداف المرسومة العامة منها والخاصة وهذا هو الولاء الصادق والمأمول .
ما أحوجنا اليوم إلى السلام الذي في ظلاله تعيش الأمم في رخاء وسعادة ، ما أحوجنا إلى كلمة التوحيد التي فيها الخير والمحبة للشعوب ،كل هذا لا يتحقق إلا بالعودة إلى كتاب الله تعالى وسنه رسوله الكريم هذا هو منهج الحياة السعيدة به يعم الخير وبه تعيش الشعوب في أمان .لا حقد ولا كراهية ،لا بغضاء ولا حسد.
اللهم قوي وحدة المسلمين على كلمة سواء ، وثبتهم على الحق في القول والعمل ، وأبعد عنهم ما يسبب في ضعف إيمانهم ويشتت حالهم وأحوالهم .