التعليم ونصفي الدماغ (١)
أحمد بن موسى بن محمد البلوشي
لقد وهب الله تعالى الإنسان نعمة العقل ميزه بذلك عن باقي المخلوقات، ويمثل العنصر الأساسي في الدماغ، ذلك الجزء المحرك للتفكير والسلوك، حيث يعد الدماغ عضواً بالغ التعقيد يقوم بعمليات عقلية معقدة ومتشابكة.
تؤكد الدراسات أن عملية التعلم والتعليم تعتمد بصورة مباشرة على نشاط الدماغ بجانبيه الأيمن والأيسر، إلا أن هناك اتفاقاً موحداً بين علماء الأعصاب على أن الدماغ البشري يتأثر بالإشارات التي تنقلها الخلايا العصبية من حواس الإنسان، وإن الدماغ البشري يترجم تلك الإشارات إلى مفاهيم ومعلومات يمكن فهمها أو استبعادها أو الحكم عليها من خلال تفاعل جانبي الدماغ طبقاً لنوعية المعلومات والمفاهيم التي تقوم الخلايا العصبية بتوصيلها إلى الدماغ، فعمليتا التعلم والتعليم ترتبطان ارتباطاً ميكانيكياً مع آلية عمل الدماغ، وتؤثران على مجريات السلوك الإنساني، وخاصة عندما يقدم للمتعلم حقائق ومفاهيم ومعلومات معينة تنسجم مع الخبرات المختزنة في الذاكرة الموجودة في بنيته المعرفيه.
وحظي موضوع الدماغ بالبحث والاستقصاء من قبل الباحثين في محاولة جادة لفهم أساليب التفكير ومهاراته التي يستند إليها الأفراد في معالجتهم للمعارف والمهارات الوجدانيات التي يتعلمونها؛ إذ شهد عقد التسعينات من القرن الماضي تدفقاً كبيراً في أبحاث الدماغ والعمليات المرتبطة في عمليتي التعليم والتعلم.
وكشفت نتائج العديد من الدراسات التربوية فاعلية التعلم القائم على السيطرة الدماغية في تحصيل الطلاب كدراسة(Alesio; Scalia& Zabel) التي أشارت نتائجها إلى أن معرفة المعلم الجيدة بنتائج أبحاث الدماغ تمكنه من تصميم التدريس المناسب للتعلم، ودراسة(Montgomery& Whiting) التي أشارت نتائجها إلى أن التعلم المستند إلى خصائص الدماغ يساعد الطلبة على تنمية مهارات حل المشكلات ومهارات التفكير الناقد.
كل هذه الأمور تدعو إلى ضرور الاهتمام بالمعلم ونمط تفكيره، لما له من دور في فاعلية الاستراتيجيات وطرائق التدريس، وكذلك توفير بيئة صفية معززة للتعلم، وتهيئة الطلبة للتعلم من خلال تنظيم البيئة الصفية الداعمة للتعلم، والتي تعمل على تنمية الفهم العميق والمرونة العقلية، ومهارات التفكير المختلفة.