2024
Adsense
مقالات صحفية

معريّ عصره الشاعر محمود أبو الوفا

 

بقلم: د. علي زين العابدين الحسيني
باحث وكاتب أزهري

تعد مجلة “أبولو” أول مجلة عربية متخصصة في الشعر ونقده ودراساته بمصر، حيث أسسها الشاعر أحمد زكي أبو شادي وظهرت سنة 1932م، وعليها استندت تأسيس جماعة “أبولو” الشعرية التي اتخذت من شعر الشاعر المعروف خليل مطران قاعدة ينطلقون منها، وأباً روحياً يرجعون إليه.

ضمت هذه المدرسة الشعرية شعراء الوجدان التي اعتمدت على نشر ما يعرف بالرومانتيكية، وكانت سبباً في اتجاه هذا النوع من الشعر في ثلاثينات وخمسينات القرن الماضي، وكان من روادها الشعراء إبراهيم ناجي، وأحمد محرم، وحسن الصيرفي، وصالح جودت، وغيرهم، ومنهم الشاعر الكبير محمود أبو الوفا الذي يحب متذوقو الشعر ومحبوه قراءة شعره.

توفي الشاعر الكبير محمود محمد مصطفى أبو الوفا الشريف سنة ١٩٧٩م، وشهد ببراعته في الشعر أحمد شوقي وخليل مطران وحافظ إبراهيم، وعرف أبو الوفا بمعري عصره، وشاعر البؤس، وقد عمل عدة أعمالٍ قبل تفرغه لكتابة الشعر منها بائعٌ للفول المدمس، وقهوجي، ووسيط الأراضي الزراعية.

وفي سيرته الذاتية عبرة وعظة، وأظنه فاق شيخ المعرة في مآسيه فلم يكن رهين محبسين كأبي العلاء [محبس العمى ومحبس البيت]، بل كان رهين عدة محابس، فقد بترت ساقه اليسرى صغيراً، وهو في سن العاشرة من عمره، وتوفي والده في اليوم الذي أجريت فيه عملية بتر ساقه.

أصبحت العكازة بعد بتر ساقه رفيقة عمره ووسيلة مشيه لمدة سبعين عاماً، وعاش في دارٍ متواضعة بالنسبة لشعراء عصره أشبه بالمسجون فيها حياً، وعاش حياة بسيطة، وعرف بفقره المعدم ومآسيه المتكررة، ولعل من أبرز مآسيه وأغربها اشتهار وفاته وهو ما زال حياً يمشي بين الناس، زيادة على أنه لم يحظ بتكريمٍ وحفاوةٍ كشاعر من الشعراء العظام، وقد عبرّ عن القيود التي تكبل رجليه في قوله:

قَضَى زمَانِي بِأنّي        أَمْشِي ورِجْلاي في القُيُودِ

وعندما ترجم شاعر النيل حافظ إبراهيم رواية “البؤساء” المشهورة لفيكتور هيغو خاطبه أبو الوفا بأبياتٍ في غاية الروعة والجمال، وله بيتٌ شهيرٌ أوصى أن يكتب على قبره، يقول فيه:

حَسْبي إذا الحُبُّ أضْنانِي فَمِتُّ هَوى          إنْ يَذْكُرُونِي قالوا: كانَ إنْسَانَا

ترك لنا محمود أبو الوفا مجموعة من الدواوين الشعرية التي تشتمل على جملة من القصائد الفريدة، وصدر ديوانه المجموع فيه جميع قصائده باسم: “محمود أبو الوفا دواوين شعره ودراسات بأقلام معاصريه” عن الهيئة المصرية العامة للكتاب بالقاهرة في 566 صفحة، وهو جديرٌ بالمطالعة وحفظ بعض أبياته.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights