2024
Adsense
مقالات صحفية

بيُوتنَا القديمة

بدرية بنت حمد السيابية

ليس هناك أجمل من مكان يحتويك، بأجواءٍ عشتها بتفاصيلها بالأيامِ والشهورِ، والسنينِ، بطفولتكَ الجميلة بذكرياتكَ مع كل زاويةٍ من زواياه المختلفة، بضحكاتكَ المترددة كصدى يعلو شيئاً فشيئاً، فتحتَ عينيكَ على سقفٍ مرسومٍ برسوماتٍ تسرُ ناظريك، رسمتَ فيه كل أحلامكَ وطموحاتك، يحميكَ من كوارث الطبيعة، تحتمي فيه من الإجواء المناخية.

هل عرفتَ أيها القارئُ عمن اتحدثُ؟ نعم إنها المنازلُ “البيوت الّقديمة”

هُجِرَت وتُركت وحيدة، بعضُها ما زالتَ شامخةً باقيةٌ، صامدة، والبعضُ هَدمتها الرياحُ بدونِ رحمةً وبعضها هدمها الإنّسانُ، تختلفُ الرغباتُ بيننا في التغير والتجديد ومواكبة التطوير، بأنّواعه الْمختلفة، أصبحت اليوم المنازل شبه مغلقة وضيقة، يسكنها شخصان أو أربعةُ أشخاصِ “الأسرةٌ الصغيرةٌ ” مع اختيار مناطق بعيدة عن المزارع وعن السهول وعن البّحار وعن الّصحراء، باحثاً عن الأفضل، ويستقرُ بين كومة مترابطة ببعضها البعض ويسعدُ كثيراً لوجودِ ما تسمى “الخَدمات”.

كم تشتاقُ أنّفسنا لماضٍ جّميل جمعنا في منزلٍ واحد بوجود الجد، والجدة، والاب، والأم، الأخ، الأخت”الأسرة الكبيرة”
وسطِ مزرعة الجد الواسعةة يحرثُها بجهدهِ وعرق جبينه، يحملُ الفأسَ على كتفيهِ من الصباحِ الباكرِ ليزرعَ البذورَ بنشاطٍ وهمة، لتسّتقبلهُ الجدةُ بفرحٍ وسّرور حاملةً في يدها جرةَ ماءٍ لتسقي من يشّقى لأجلهم، أياماً لا تُعَوّض بجمالها، وبوحِها، بأسّرارها،
ماضٍ يحملُ في طّياته شذا العبير والياسمين، رائحة الأشجار والثّمار، رحلَتْ بعيداً تلك الأيام مع حلوها ومُرها دون رجعة.

ذكريات الْبيت الّقديم ما زالت راسخةً لدى البعض، يحكيها لأبنائه واحَفاده، مبتسماً لكل تفاصِيلها، لِيبعثَ عبِيرَها، في سردِ القصصِ والحكاياتِ، مُفتخراً بعيشةٍ عاشَها مع أجَمل النّاس والطّفهَم، ويذكرُ كيف كانت العيشة بينَ الماضيِ والحاضر، يقارن بينهم، ما أجمّلها بيوتنَا القديمة، رحلَ مَن رحل، وبقي منّ بقي، سلامًا على ّمن رحلت أرواحُهم بعيداً، وتركوا ذكراهم راسخةً في قُلوبنا، زوروا اماكنكم ولا تنسوها، مروا عَليها مرور الكرام، فمّا زالت باقيةً آثارها بيوتنا القديمة.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights