بيت الطين لا يخلو من طحين
خلفان بن ناصر بن سعيد الرواحي
مثلٌ عُمانيٌّ مشهور وله دلالاته لكل زمان ومكان ؛ يعرفهُ البعض من حيث التركيب والمعنى ؛ ويجهله الآخرون ويتجاهلونه في حياتهم الواقعية وخاصةً في زمننا المعاصر .
إنهُ مثلٌ تراثيٌّ خالد كان يعني لآبائنا الكثير ويعتبرونه جزءً من حياتهم الخاصةِ والعامة ، وكأنه نُقِشَ في أبواب وجدران البيوت ، ليكون واقعاً حياً يعيشونه بينهم وبين جيرانهم ومجتمعهم العُماني ؛ فهو دلالة على شكر النعمه والرضا بما قسم الله لهم.
أما واقعنا اليوم يقول عكس ذلك ؛ فبالرغم من توفر النعم بمختلف أنواعها الصحية والاجتماعية والمعيشية ؛ فما زالت الغالبية تشتكي قلة ما في اليد ؛ وتتحسر على ضياع الفرص وتتناسا شكر النعم !…
فغالبية بيوتنا ولله الحمد شُيدت بأفضلِ المواد والتصاميم وأصبح البعض يتباهى بتميزه فيما أنفق للخرائط والتصاميم والتأثيث ؛ وعندما تحاول أن تلمح له ولو من باب المزاح بأنه أبدع وعنده الخير والاستطاعة فيرد عليك بكل عفويةٍ – من هين ود الحلال تراه كلها بديون- ؛ ولم يخطر على باله بأن ذلك هو فضل وتوفيق من الله ويحتاج إلى شكر إلا من رحم ربي {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}.
فَلَو رجعنا لمحور حديثنا عن المثل وعلاقته بما أسهبنا به ؛لوجدنا المعنى واضحٌ جداً ، فكل بيت لا يمكن ان يخلو من أدنى شيءٍ من المواد الغذائية التي يحتاجها الناس في حياتهم، إلا من قله ، ولا ننكر بوجود بعض الأسر المعسره والفقيرة ، ولكن الجشع والطمع الذي طغى علينا وخاصة الميسوري الحال ؛ في هذا الزمن هو الذي أنسانا شكر النعم ؛ فالواحد منا من الله عليه بكثير من النعم وفي الأخير يصرخ بطول حسه – ما عندي شيء انا فقير !- ؛ وربما البعض وصل به الحال إلى التمسكن وطلب الصدقة والتسول ، فلو شكرنا نعم الله علينا لبسط الله لنا الكثير والكثير ؛ ولو أدركنا ضروريات الحياة وشعرنا بمن يعيش حولنا من فقراء ومحتاجين لما وصل بنا الحال إلى ما نحن عليه اليوم .
فهل يا ترى ما زال البعض منا يدرك المعنى والمغزى من هذا المثل …!؟.