تجاوز الجائحة مسؤوليتنا جميعاً
هلال بن حميد بن سيف المقبالي
منذ ظهور جائحة كورونا (كوفيد 19) والتي قضينا بسببها ثلاثة الاشهر الماضية، ملتزمين بتوجيهات وقرارات اللجنه العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد -19)، ملازمين منارلنا، لا نبارحها الا للتسوق فقط ، حتى من خوف الأصابه بالفيروس، أصبحنا لا نجرؤ بالخروج خارج أسوار المنزل(خارج الحوش) حتى ولد لدى البعض مللاً و ضيقاً، من جلست المنزل الغير متعودين عليها.
لقد تملكنا فعلاً من هذه الجائحة الخوف والهلع، ونحن نرى ونسمع عن ظهور يومياً آلاف الاصابات، و المئات من الوفيات حولنا ، حتى كدنا نجزم أو نعتقد ان المصاب القادم سيكون من بيننا، رغم كل الاحترازات الوقائيه التي نتخذها عند الخروج من المنزل والعوده اليه، اعتزلنا كل شيء لشيء واحد فقط أنتهاء الجائحة، وبعدها ننعم بالحياة المعتاده، ولكن وبالرغم من كل تلك الالتزامات نتصادف بإرتفاع في عدد الإصابات في وطننا الحبيب عُمان، فهناك للأسف الشديد من المواطنين و الوافدين من عدم اخذ الأمر بالجدية و اللامبالاة، أو التقليل من خطورة الوضع متجاوزين كل التحذيرات والنصائح والتوجيهات المنشوره لحمايتهم.
مرت علينا مناسبات كانت ذا طابع جميل في حياتنا، ولها وقع خاص في النفس ننتظر قدومها بكل شغف وحب فيها كل أمانيننا، نعيشها فرحا و أنساً بين احضان احبتنا، واقاربنا، ولكن بسبب جائحة كورونا، ابتعدنا عن كل هذه المناسبات ، التزمنا العزلة عن كل تجمع ولقاء، ايماناً منا بإن الالتزام سلامة لنا ولمن نحبهم.
وها نحن الان ومع القرارات الانفتاحية التي اقرتها اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد -19)، والتي تعد خطَوة جريئة من قبل اللجنة، رغم زيادة عدد الاصابات والوفيات خلال هذه الفترة، حيث اكدت قرارات اللجنه على عودة الموظفين بنسبة لا تقل عن 50% الى أعمالهم، والسماح بحرية الحركة، ورفع كل قيود العزل المفروضة على بعض الولايات مع الابقاء على جزء يسير منها، لمتطلبات الوضع الصحي الراهن ، وكذلك كان القرار بفتح حزم تجارية جديدة، ومحلات التسوق والسماح بتبادل زيارات الأهل والأقارب، بشرط الإلتزام بالطرق الوقائية والأحترازية ، وسوف تأتي في قادم الأيام قرارات أوسع وأشمل، هذه القرارات خطوة جريئة للدولة جاءت تسهيلاً للمواطن والمقيم، لمباشرة أعمالهم التجاريه التي توقفت في فتره العزل، وتيسير للعمل الحكومي، وتخفيف عبء الحجر المفروض خلال الفترة الماضية، فكل القرارات تصب في مصلحتنا ، ولكن في المقابل قد يراها البعض القشة التي ستكسر ظهر البعير، وقد تطيح بكل الجهود المبذولة سابقاً، و سبباً في أنتشار فيروس كورونا (كوفيد 19)، و تزايد أعداد الأصابات، اذا لم يلتزم الجميع ألتزاماً تاماً بالتوجيهات المنبثقة من اللجنه العليا، وإتخاذ كل التدابير الوقائية، والأحترازيه اللازمه للحد من انتشار الفيروس.
أننا مقبلين على تحدٍ كبير، و تجاوز جائحة كوفيد19، أصبحت الآن مسؤوليتنا جميعا، و المطلوب منا فقط الألتزام بطرق الوقاية، فهل نحن قادرون على الألتزام؟ و تحمل المسؤولية؟.
وهل بالأمكان تخطي هذه الجائحة بعد هذه القرارات الأنفتاحية رغم تزايد الاصابات؟
رغم تحذيرات وتنبيهات اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد -19)، والتي بثتها عبر وسائل الاعلام المختلفه، ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفه، وبجميع لغات العمالة الوافدة المتواجدة بالسلطنه، الا ان خلال أواخر شهر رمضان المبارك، وايام عيد الفطر السعيد زادت الحركة، وقل الالتزام بتوجيهات اللجنة، وحدث تجاوزات، و مخالفات نشرتها شرطة عُمان السلطانية على حساباتها في قنوات التواصل الاجتماعي، مما زاد من نسب الاصابات والتي لاحظناها بعد اجازة العيد، فقد كانت اعلى نسبة تزيد عن الألف مصاب، فاذا كان الوضع بهذه الصورة، فما ذنب من إلتزم وتحمل الضغط النفسي، بمكوثه في المنزل، طوال الفتره الماضية، كلنا لنا مآرب في هذه الحياه، منها اجتماعية ومنها عملية، ولكن خوفا من ان نكون سبباً في نشر العدوى التزمنا ناسفين كل مآربنا لوقت انتهاء الازمة، مؤمنين ان مصلحة الوطن ومن عليه أسمى من مصالحنا ومآربنا الفردية وبنينا الامر على هذا التصور.
فوضت اللجنه العليا بقراراتها الجديده، الامر إلينا ، وجعلت أسوء وافضل الأحتمالات علينا، و اصبحت الان مسؤولية تفشي الفيروس تقع على عاتقنا، والخيارات متاحة للجميع إما انحساره أو انتشاره _ وهذا ما لا نريده ولا نتمناه _، ولكن اذا استمر الوضع الى ما هو عليه، و ما نراه الان من البعض من ملل وتذمر وكسر الألتزام، وعدم التقيد بالتعليمات و الأستهتار بالتحذيرات، و تجاوز للحواحز الوقائية والاحترازيه، ستزيد من عدد الاصابات، وتكثر الوفيات.
بذلت الحكومة اقصى ما لديها و لازالت تبذل من اجلنا والحفاظ على سلامتنا، من خطر هذه الجائحة، فقد سخرت كل طاقاتها وأمكانياتها من مواردها، المادية والبشرية، ضحت بكل أقتصادها من تبادل تجاري وأستثمارات وسياحة، وغيرها من روافد الأقتصاد الوطني، فقدت الدولة من خلاله الملايين من الريالات كل ذلك كان سيعمر بلادنا ويرفع من استراتيجية اقتصادنا، وازدهار التبادل التجاري، كل ذلك قامت به الدولة من أجل سلامة كل فرد على هذه الارض الطيبة لم تفرق بين مواطن و وافد، فكلنا في نفس الكفه، ولكن و رغم كل تلك التضحيات التي قامت بها الدولة من أجل الحفاظ على سلامتنا، و توفير سبل الوقاية لنا، لم يفكر البعض منا وللأسف الشديد بوضع اقتصاد الدوله الذي ضحت به من اجل سلامتنا.
أن قرارات اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد -19)، جاءت بعد أعتقاد اللجنة العليا، معرفتنا بمخاطر هذه الجائحة ، ونضج مداركنا الأحترازية، وتهيئتنا للتأقلم والتعايش مع الجائحة، وثقتهم بنا باننا شعب واعٍ برغم كل التجاوزات التي حدثت للأسف من البعض ، ما زالت ثقة الحكومة ورهانها علينا هو السبيل الأوحد للخروج من هذه الازمة ، فجاءت قرارات اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد -19)، لتؤكد هذه الثقة، فقد اصبح الآن الوضع مسؤوليتنا جميعاً، والقرار بأيدينا، فماذا نحن فاعلون؟.