الأوبئة ترسم مستقبل العالم
بقلم ✍️ :راشد بن حميد الراشدي
عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية
إنّ ما يحدث حولنا من طفرات جينيّة لفيروساتٍ قاتلة وسريعة الإنتشار وأوبئةٍ تدكُّ مدنَ العالم المكتظّة بالسُّكان فتفتِكُ بسّكانها وتنتقل تلك الأوبئة الخبيثة عبر القارات إلى مختلف بلدان العالم بسهولة ويُسر عبر السفر ومخالطة شعوب العالم لبعضها البعض لتُخدّرَ بالسكونِ كلَّ مقومات الحياة ونسيج الحياة اليومي الذي إعتادت عليه الأمم وتنقلنا من التقارب والألفة الاجتماعية والإنسانية بطبيعتها الفطرية إلى التباعد الإجتماعي والفرقة بين الأحبة والأصحاب والأسر حتى في قطاع الدين كالمساجد أو قطاع العمل وفي جميع مجريات الحياة الصاخبة بمنهجية الإنسانية التي خلقها الله متعايشة متوادةً متحابة .
اليوم تشكل الفيروسات مستقبل الأمم سواءً كانت مًدبَّرة أو بطبيعة الحياة التي كلها تحت قدرة الله وسيطرته .
حيث شكّلَ إنتشارُ فيروس كوفيد ١٩ في العالم منحنى آخر لكيفيّة تعايش البشرية في المستقبل تبِعَها تغييرٌ في أنماط الحياة المختلفة وفي جميع المجالات التي يتعايش الناس من خلالها : كالعلاقات الإجتماعية والتعليم والصحة والعمل بمختلف مجالاته ووسائل النقل والمواصلات وغيرها من مجالات الحياة .
ومن خلال معايشة الواقع الجديد نجدُ أنّ هذه الفيروسات أربكت العالم وضربت إقتصاديّاته بتوقف الكثير من مجالات العمل وأربكت أسلوب حياته فبات متباعداً حتى من أقرب الناس إليه .
ورغم هذا الواقع نجدُ أيضا أنّ نظرية الحماية التامة من هذه الأوبئة باتت في طي النسيان فأنت لا تستطيع غلق بيتك والعيش فيه شهورًا بعيداً عن الأوبئة إنّما الحدَّ منها بإتخاذ الإحتياطيات اللازمة للوقاية من شرّها وشررها هو السبيل الوحيد لدرء المخاطر فعالم اليوم غريب عجيب في كل معطياته .
باتت الأوبئة والأمراض ترسم مستقبل العالم القادم الذي يجب أنْ نتعامل معه بكل حذر أملاً في إنكشاف الغمم التي باتت تحيق بمكرها نحو بني البشر ؛
فكرامة الإنسان هي أعلى الكرامات في مجتمعاتنا الإسلامية عملا بشريعة الله ومنهجه القويم ولكن في بعض الأمم أصبح الإنسان مجرد عدد يحسب ذهب أم أتى بلا كرامة مصانة له ولا حقوق كما تدعي تلك الأمم وقد ثبت كل ذلك خلال جائحة كرونا بما خلفته من تجارب ومأسي تقشعر منها الأبدان .
معايشة الواقع في العالم تثبت أن الإنسانية تفككت بالشهوات التي تسيطر على بعض البشر وجنونهم نحو تملّك المال والسلطة المطلقة على العالم أجمع وإخضاع الجميع لعبودية من نوع خاص لتحقيق أحلامهم الخبيثة .
هكذا يرسم البعض مستقبل العالم في ظل إنتشار الأوبئة وخبث من باتت السيادة بيديه .
الأوبئة ترسم مستقبل العالم والكل مستسلم لقضاء الله وقدره في ذلك الأمر إلا أنّ قدرةَ الله أكبرُ من أحلام الخبثاء .
ولنعمل جميعاً اليوم من أجل وقاية أنفسنا وأهلينا ومجتمعاتنا من شرّ ما أحاط بنا من مخاطر بذلت بلادُنا فيها الغالي والنفيس من أجل الحدِّ من إنتشار الأوبئة بكل إمكانيّاتها وطواقمها الصحية والأمنيّة والمجتمعيّة ؛
فبالتباعد المجتمعيّ والحرص على استخدام جميع سُبُل الوقاية من الفيروس كالكمامات والمعقمات وغسل اليدين ونظافة البيوت والأماكن والنظافة الشخصية كلها أسباب لاتّقاءِ البلاء بإذن الله .
العالم القادم سيكون عالم عن بعد عالم الإنترنت والتواصل المرئي ببرامج التواصل المختلفة والمتعددة والتي ستتحكم في كلّ مجريات حياة بني البشر دون طبيعتهم الفطرية التي خُلقوا عليها
هكذا هي إرادةُ الله في خلقه ليعلموا حجم النعم التي إختصها الله لنا وخلقها من حولنا لننعم بخيريّ الدنيا والآخرة .
نعود اليوم لنتمنّى حياةَ الأمس أنْ تعود وتنقشع الغُمّة ولكن يجب أن نقرّ أنّ الأوبئة اليوم صارت ترسم مستقبلنا ومستقبل البشرية القادم .
# سناو
الخميس : ٥ – ١٠ – ١٤٤١ للهجرة
الموافق : ٢٨ – ٥ – ٢٠٢٠ للميلاد