تقوى القلوب….!!
محسن الحاتمي
تعددت الديانات السماوية والمرجعيات الدينية، حتى أصبحت المعتقدات متعددة، لقد أنعم الله على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بهذا الدين الإسلامي لتلجأ إليه وتهتدي البشرية جمعا فأرسل الأنبياء والرسل مبشرين ومنذرين ليتبعوا طريق الهداية والرشد والنجاة من عبدة الطاغوت والنأي بهم عن خطوات الشيطان، لم تسلم عقيدة التوحيد من التظليل والتحريف تدنست وأستبيحت ديارا تعطرت بأصوات المآذن وتلاوة القرآن الكريم والدعاة إلى المعروف والناهي عن المنكر..
شرع الله العقيدة وأنزل آيات محكمات لتنظيم وقت العبادات وفق نظام وتوقيت دقيق أقترن بعدد اثنى عشر شهراً في السنة منها أربعة أشهر حرم، تجلت الحكمة الربانية في شهر رمضان المبارك خير الشهور إلى أن يكون أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار تلك هي إياما معدودات من شهده فليصمه ومن كان به مرض أو على سفر فعليه قضاءه بأيام أخر ،كل عشرة أيام منه كفيلة لتحدث فارقا كبيراً بتغيير حياة المؤمن إلى حياة سرمدية لجنة أعدت للمتقين عرضها كعرض السموات والأرض ثم نرى صورة أخرى يختتم بها خير الشهور بعشر أيامه الأخيرة ليعتق عباده الذين أجتهدوا ولزموا المساجد والجوامع إعتكافا وتهجدا لنيل بركات وفضل ليلة القدر خير من ألف شهر هنيئا للذين تحروا تلك الليلة وأبشروا بدار العقبى دار المقام والنعيم الأبدي لا إحساسا بتعب ولا نصب .ليختتم شهر القرآن بشعيرة الصفاء وتعانق القلوب وبث روح الأخوة بالعفو والتسامح بفرحة عيد الفطر السعيد وإضفاء البهجة والسرور على محيا كل مؤمن..
ثم نرى عشرة أياماً أخرى مقبلة من شهر ذي الحجة فضلها يضاهي فضل أيام الشهر الفضيل شهر رمضان المبارك من صيام وصدقات والإكثار من الإستغفار والأعمال الصالحة والمسارعة إلى فعل الخيرات تلك هي إياما معلومات بإكمال الدين وإتمام النعمة والرضا بالدين الإسلامي إنها حجة الإسلام وقوفا بعرفة باليوم التاسع وهو الركن الخامس من إركان الإسلام إنه الحج الأكبر الذي تتعالى فيه أصوات حناجر ضيوف الرحمن موحدة النداء بالتكبير والتهليل والحمد لله والثناء عليه تلبية الحاج الطائف في تلك البقعة الطاهرة إقتداءا وأحياءا لذكرى أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام وعلى خطى ونهج سيرة نبي الله نبي الأمة ونبي الإنسانية محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم لحجة الوداع .
تتآلف وتهوى القلوب و تسكن الروح و تتعاظم السكينة والطمأنينة وتستقر النفس عند أداء مناسك الحج لقد غفر الذنب وقبل التوب ومحت السيئات وتبدلت إلى حسنات وأصبحت صحائف الأعمال كأن الجسد عاد طفلاً بلا ذنوب ولا معاصي..
ما أجمل وما أروع تظاهرة أنتظمت وأصطفت بلا لافتات ولا شعارات أتت من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم توحدت في لون لباسها وإحرامها وتناسقت و تناغمت ورددت كلمات تلبيتها وهتفت بصوت واحد لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة والملك لا شريك لك، تلبية لأوامر ونواهي البارئ عزوجل وتطهيرا للجسد وإرتوائا للروح بالصلاة والدعاء وقراءة القرآن الكريم والتكبير والتسبيح. سبعة أشواطا تطاف بالكعبة إبتداءا بطواف القدوم وإنتهاءا بطواف الوداع ليبلغ الهدي محله ولتكتمل مناسك الحج وصولا إلى تقوى القلوب لتهدي البدن والمال وإشباعها بالحب الإيماني الخالص سبيلاً في التخلص من المآثم والمعاصي، بينما نرى مشهداً آخر لغير الحجيج من صلى صلاة العيد ثم نحر وتصدق منها وأدخر وبنعمة وفضل الله استشعر لتسود وتعم شعائر الله على شتى بقاع المعمورة بالود والتسامح وصفاء القلوب، مضت أيام التشريق الثلاث فمنهم من تعجل بالرحيل ومنهم من رفضت نفسه مفارقة الديار المقدسة ملجأ وملاذ الروح لتهدأ وتسكن وتعظيما لشعائر الله، لم يطل المقام بخيرالديار لتنقضي أياماً معلومات مسرعة هدأت أصوات التلبية والتكبير وأعلنوا الرحيل ضيوف الرحمن التقوى زادهم ومتاعهم الكل إلى وجهته وموطنه الذي قدم منه. أستقبلتهم عائلاتهم بالإحتضان الذي عادوا بأجسادا صحائفها صافية بالحج المبرور والسعي المشكور لقد أكرمهم ووعدهم خالقهم بمحو الذنوب و الخطايا كي يسعدوا بالجنة التي ينتظروها جزاءا لتأدية تلكم العبادات.
(( ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
abu3lhasan@gmail.com