كورونا وأهمية اللحمة الخليجية
راشد بن حميد الراشدي
عضو مجلس إدارة جمعية
الصحفيين العمانية
إننا شعب واحد نعيش في رقعة واحدة حباها الله بكل مقومات الحياة السعيدة تتوسط العالم من شرقه لغربه ومن جنوبه لشماله. بها أشرف البقاع وأغلى الثروات وأفضل المواقع التي تشرف على أهم المضايق والمحيطات في العالم،وبها كذلك أهم ثروات العالم أجمع، تسكنها شعوب من أطيب الشعوب بشهادة الجميع مصيرها واحد ومصابها واحد وقربها من بعضها لغةً ونسباً وعادات وتقاليد واحدة ديننا الإسلام وعروبتنا أساس غراسنا.
دول الخليج مهما تباعدت ستعود ومهما اختلفت سيلتم شملها ومهما افترقت سيتم وصالها.
تشربت مختلف الفتن ففك وثاقها وغدت تائهةً تنتظر ربابنة سفنها ليعيدوا مجدها وبريقها وانغمست في أتون صراعات زجت بها بإرادتها أو بدون إرادتها لتبحر سفنها مفككة بلا هدف منشود سوى إفلاس دولها وفرحة من كادوا لها.
اليوم مع أزمة كورونا انكشفت جميع الأوراق وبدأ صوت العقل والحكمة والتخطيط السليم هو مرساة الأمان للمستقبل والترابط والتكاتف والوحدة الصادقة التي لا يسودها إلا حسن الظن هي الأمل المنشود نحو إصلاح البيت الخليجي فلا مناص من التعاضد والتلاحم ولن يستفيد أحد منا في ظل هذه الأجواء الخانقة فالكل خاسر.
الاقتصاد ينهار في الخليج والعالم أجمع ومختلف المؤسسات والمجالات ستنهار بدون اقتصاد متين والثروات ستنضب كما تم حرق أسعارها والأخطار الأخرى محدقةً بالخليج وأبناؤه إن لم ينتبهوا اليوم قبل الغد.
اليوم لم يبق لنا سوى طريق واحد وهدف واحد للوصول لشاطئ الأمان وإسعاد الشعوب والأوطان وهو نبذ كل الخلافات والوقوف يداً واحدة ضد كل التحديات والتعاون فيما يخدم الأوطان ويرفع شأنها فليس هناك طريق سوى ذلك الطريق فهو منجاتنا جميعاً.
مجلس التعاون الخليجي سوف تمتد آفاقه إن أُحسنت إدارته وفعلت أهدافه السامية وتجمعت وحدة دولة تحت رايته في تعاون تام على مختلف الأصعدة بجدية القائمين عليها، فخليجنا واحد ومصيرنا واحد.
قد يرد علي الكثير : أين أنت مما وصلنا إليه من تشتت بين دولنا؟.
وسأرد بأن لكل مقال مقام واليوم هي اللحظة الحاسمة التي تكشفت لجميع دول الخليج بأنه لا مناص من اللحمة الواحدة ولا مناص من تكاتف دولنا في جميع مناحي الحياة ولا مناص من إعادة ترتيب البيت الخليجي من جديد والمصارحة والمكاشفة والمصالحة بين جميع دولنا الخليجية وإلا ستكون العواقب وخيمة والجائحة الاقتصادية والاجتماعية وحياة الشعوب في خطر كبير.
نحو شعوب مسلمة مؤمنة أثنى علينا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقال عنا:
(المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا).
فيجب أن يبقى وثاق الله متينا بيننا لنجابه العالم برباط الله القوي المتين.
اليوم العالم ينظر لدولنا نظرة الحاسد الحاقد لتلك النعم التي حبا الله بها أوطاننا فتسابق الجميع للظفر بثرواتنا وبمختلف أساليب المكر والخداع وأمام مرأى الجميع وبدون تخطيط منا ولواقعنا واستعمال صوت الحكمة والعقل في إدارة ثرواتنا التي بددها العدو الغاشم الذي لا يرقب فينا إلاً ولا ذمة وبددها كذلك سوء تدبيرنا، فغدونا من خيراتنا ننتظر نصيباً لنطعم به أبنائنا.
اليوم يجب أن نخلص للأوطان بأمانة وإتقان ونتوجه لبناء أوطاننا بالتعليم الهادف والاقتصاد الصلب والبناء الراسخ وفي مختلف المجالات، فالأوطان لن تقوم إلا بسواعد أبنائها فلقد مضت مرحلة المكر والخديعة والايقاع بيننا وبدأت مرحلة التلاحم والتعاضد لبناء الخليج الواحد، فما كشفه كورونا سيبقى درساً للأبد ولا بد لنا اليوم من لحمة وطنية خليجية نتغنى بها قولا وفعلا مدى الأزمان.
حفظ الله أوطاننا الخليجية وجمع بينها على خير ورزق حكامها البطانة الصالحة المستنيرة التي تصبو للحمتها وتعاضدها والأخذ بيدها نحو مستقبل مشرقٍ سعيد.
وعسى القادم أفضل بإذن الله، فالأمل بالله كبير وأبناء الخليج وطن واحد ومصير واحد.
رفع الله عنا جميع هذا الوباء وأعاد الله البسمة على الشفاه وغفر لنا ما قد سلف من معاصينا ورزقنا قبول أعمالنا في شهره الكريم .
وكل عام وجميع أبناء الخليج في خيراً وفلاح .