التوازن في التربية وعلاقتها بالمجتمع والهوية
🖌 خلفان بن ناصر بن سعيد الرواحي
تتجلى مشاعر الود والمحبة بين الأفراد وتتماسك إذا امتزجت بأخلاق الدين والأدب ؛ وتسمو النفوس بشذى عطرها الممتزج بمراتب التربية في البيت والمدرسة والمجتمع المحيط المحافظ على كرامة سمعته الغالية، ويزيدها ألقاً وسمواً عندما تتصارح فيما بينها ؛وتتشارك في بناء مجتمع كريم العيش ورفيع الاخلاق ومضرب مثل يحتذى به ويكون قدوة ومدرسة للآخرين .
لقد اختلط الحابل بالنابل في هذا الزمان ، وتناسينا هويتنا المتأصلة المنبثقة من أصول الدين الحنيف ؛ وتربية آباءنا وأجدادنا المحافظين على مبدأ المشاركة في تربية الأجيال دون تمييز بين فرد وآخر ، وأصبحنا ندافع بكل ما نملك لنساعد في تدمير أخلاقيات المجتمع، وهنا لا نتكلم بصفة العموم ؛ ولكن الغالبية منا أصبح ضمن هذه الفئة إما اعتباطاً؛ وإما تناسياً لأبجديات تلك القواعد والمحافظة عليها بما يتناسب مع مجريات حياتنا المعاصرة.
لقد تدافع الغالبية من الناس على أبواب مقتنيات الحياة العصرية ، ونسيت أن عليها مسؤوليات عظيمة في بناء مجتمع وأسرة لتتقاسم الهموم فيما بينها لإيجاد البيئة المناسبة للعيش السعيد ، وأخذت بزمام الملهيات العصرية التي كلفتنا الكثير لدفع ضريبة الأضرار التي لحقت بنا ، وأصبحنا نتراشق ونلوم بَعضُنَا البعض وكأننا معصومين ، ونرفع رايات البراءة من أسبابها.
أصبحت بعض الأسر وأربابها لاهون في العمل وضياع الوقت دون مبالاة في مسؤلياتها للجلوس مع أفراد أسرها ؛ومتابعة التربية وغرس الأخلاق ؛ مما أدى أن ظهور حالات شواذ تفشت بين أفراد المجتمع نتيجة الإهمال المفرط من قبل أرباب البيوت ، كما أنَّ البعض منا وصل به الحال إلى الدفاع عن أفراد أسرته ؛ ويعتقد في قرارة نفسه أنه بذلك ما زال هو الآمر والناهي ويمتلك القوامة في الأسرة ؛ ونسى أنه في بعض قراراته أنه سبباً من أسباب الشتات لأبناءه وأفراد أسرته ؛ وكأنه يعطيهم الضوء الأخضر للاستمرار في ممارسة الخطأ ؛ويعينهم عليه ليجد نفسه بين أمرين أحدها مر والآخر أشد مرارة وكأنه (تجرعه ولا يكاد يسيغه).
عليه يجب علينا أن نراجع أنفسنا مع مجريات الأحداث ؛ ونوجه من نعول تحت رعايتنا إلى تحقيق التوازن بين التربية وعلاقتها بالتعايش المجتمعي والمحافظة على هويتنا ؛ وذلك من خلال زرع القيم وحب الانتماء للوطن والمحافظة على كينونة المجتمع ؛ والمشاركة في بناء العلاقة بين أفراده للوصول إلى مراتب السمو وسمعة الوطن.