عندما تعجز عن فعل شي فلا تدعي المعرفة وتنادي بالإصلاح
خلفان بن ناصر بن سعيد الرواحي
لقد أصبحنا في زمن يكثر فيه اللذين يدَّعون المعرفة ؛ وهم في حقيقة الأمر جاهلون بها ، ولا يدركون عواقب أمرها، ويقولون ما لا يفعلون وكأنهم قد أصبحوا علماء متخصصين في كثير من العلوم وفروعه المختلفة ، ويخوضون مع الخائضين ، كما ينطبق عليهم في كثرٍ من الأحيان المثل الشعبي العُماني الذي يقول : {غويز من ردوه ، وربيع من خطف} ، أي أنهم يميلون مع كل الاتجاهات وليسوا مستقرين على رأي واحد ، كما تجدهم أيضاً مع المثل الشعبي الآخر الذي يقول: {يقتل القتيل ويمشي في جنازته}…
إن الأمر ليس بالهين فهو كما وصفه الله في كتابه العزيز في سورة الصف: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3)). من هنا ندرك بأن على المجتمع بأسره هو الركيزة الأساسية التي يعتمد عليها في نجاح أمثال هؤلاء وغيرهم وكسب الشهرة والصيت بين العامة ؛ أو كبح جماحهم وفضولهم وتطاولهم على ركائز أساسية متعلقة بكينونة مجتمعنا العُماني المحافظ من جميع الاتجاهات والأعمدة التي يتمتع بها وينفرد بها في شتى الجوانب سواءً كانت الدينية أو الثقافية أو الاجتماعية أو الأخلاقية والسلوكية التي تربينا عليها وتوارثناها من الأجداد .
لقد ارتفعت أبواق المطبلين ، وكلاً يدلي بدلوه بالرغم أنه لا يملك شي من الثقافة والمعرفة بأصول الدين ، وانسلخ عن مبادءه وتشبه بغيره بقصد التباهي والشهرة والتميز كما يدعي هو ومن على شاكلته ، ويريد أن يثبت وجوده وكأنه المنقذ الحقيقي لكثير من العقبات التي تعتري الواقع الحياتي الذي نعيشه ونتعايش معه في هذا الزمن ، ونسى وتناسى بأنه هو نفسه هو المعني الأول بالإصلاح والتغيير قبل أن ينادي بإصلاح غيره ومجتمعه.