ضوء وسط ظلمات
عائشة الكحالية
ليس العجيب أن يستحي المؤمن من معصيةٍ، بل ممن يستحي الرخاء والعافية من ربه!
قد استحى أيوب عليه السلام أن يرفع يده للخالق الكريم بالشفاء حياءً، رغم التفاف سلاسل الآلام حوله لمدة ١٨ سنة، وفقده لفلذات أكباده وسند روحه وكِبره، تحلل جسده من المرض كجثة ميتةٍ حتى نفر منه الناس … لم يراوده قلبه أن يطلب شيئاً من الله كل هذه السنوات، حتى قبض الحزن قلبه عندما رأى شعر زوجه الطويل مقصوص، فدعا ربه وقلبه أمل ليس لنفسه بل لأجل عناء زوجه: “رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين” لم يقل: اشفني، أعني، أسعدني…. انظر لتأدب العبارة ولطفها.
العجيب الذي لا نتصوره هو صبر الأنبياء والرسل على تبليغ الحق لسنوات عديدة بمشقة تحرق الروح، بأذى لا يحتمله أي إنسان ثانية واحدة، بتعذيب وما لا طاقة لهم به حتى قال الصحابة: متى نصر الله؟ فنصرهم الله وأسعدهم دنيا ودين، وما صبرنا نحن الآن؟.
إن الحياة الدنيا مليئة بابتلاءات واختبارات ومصاعب تأتي ثم تنقضي ثم تعود ثم تذهب كالظل، لا تحسبن البلاء بمصيبة بل الصحة بلاء والمال بلاء والأولاد والخيرات بلاء، لأنك تُحاسب على كل نعمة أُنعمت بها، والسعيد من اقتنع واستخدم عقله وحكمته.
قل للذين صبروا بعدَ مشقةٍ: ما أقواكم! قد وعدكم الله بأجر
عظيم.