بين ثنايا الطب واليوتيوب… ماذا قال أحمد الهنائي؟
بين ثنايا الطب واليوتيوب، عبارة ليست مستساغة ومتناسقة عند أغلب القراء حيث يجد أغلبنا _ وأنا أحدهم _ أنه ليس هناك أي رابط يجمع بين الأثنين وقد لا يكون، إلا أن لكل قاعدة شواذها ولا يوجد حقيقة مطلقة واحدة يسير عليها كل البشر.
النبأ- إيمان بنت عيسى العبرية
بين ثنايا الطب واليوتيوب، عبارة ليست مستساغة ومتناسقة عند أغلب القراء حيث يجد أغلبنا _ وأنا أحدهم _ أنه ليس هناك أي رابط يجمع بين الأثنين وقد لا يكون، إلا أن لكل قاعدة شواذها ولا يوجد حقيقة مطلقة واحدة يسير عليها كل البشر. وأحد نماذج هذا المثال هو طالب الطب العماني الدكتور أحمد الهنائي ومسيرته التي ابتدأها في عالم اليوتيوب وصناعة المحتوى، حيث يذكر واصفا نفسه بأنه شاب عادي يحب كرة القدم ويهوى ممارسة الرياضة كغالبية أقرانه، إلا أنه ومع نهاية المرحلة الثانوية في المدرسة، بدأ اهتمامه بعالم التنمية البشرية والتطوير الذاتي ومجال صناعة الأفلام وعالم اليوتيوب وصنع المحتوى، ومن هنا بدأ توسعه في هذا العالم يتزايد حتى بداية مرحلته الدراسية في عالم الطب بجامعة السلطان قابوس. فماهي التفاصيل وما هي الأحداث التي حملتها هذه القناة؟ الحوار التالي يكشف التفاصيل.
ماهي قصة أول فيديو في قناتك على اليوتيوب؟ وكيف بدأت في الإنخراط في هذا العالم؟
في الواقع، بداية اهتمامي بالقناة حرفيا ابتدأ في شهر سبتمبر لعام 2018، إلا أن هذه ليست الحقيقة الفعلية ففي عام 2015 تحديدا في أحد الفصول الدراسية ، كان أحد متطلبات الدراسة في ذلك الفصل إجراء إختبار، وكان من عادتي كأي طالب آخر أن أقوم بسؤال الطلاب عن رأيهم في الاختبار وكيف قاموا بتأديته، هل بالشكل المطلوب أم على نقيضه تماما، وقد إعتزمت في تلك الفترة على تصوير فيديو بسيط يوضح أسئلة الإختبار وبعض الإجابات المقترحة وإلى ما آخره وبعدها إرساله في مجموعات الواتس أب لزملائي، حتى أفيد وأستفيد وهكذا، إلى أن أقترح أحد زملائي آنذاك أن اقوم برفع الفيديو على منصة اليوتيوب حتى يصل الفيديو لشريحة أوسع من الطلاب وهم طلاب دفعتي ما يقارب عددهم تقريبا 130 طالب وطالبة _ الذين لم يكونوا في مجموعات الواتس اب معنا_.
الغريب في الموضوع إن عدد المشاهدات لذلك الفيديو وصل ما يقارب الألف مشاهدة تقريبا، حقيقة استغربته في بادئ الأمر واتضح لي بعدها أنه قد نال على إعجاب الطلاب، ليس فقط من زملائي من نفس التخصص إنما من الطلاب الدارسين في الكليات الأخرى.واضيف بالذكر أن القناة نفسها لم يكن لها كيانها الخاص في بداية الأمر، لدرجة أنني كنت قد اسميتها تيمنا بأول فيديو طرحته وهو (رايك في اختبار اليوم)، ولم يكن لي حتى نظرة مستقبلية طويلة الأمد للقناة، عن ماهيتها وما محتواها.
ماذا حدث لأحمد الهنائي فما بعد؟ وكيف أثر صناع المحتوى فيك؟
المشكلة التي واجهتها في ذلك الفصل أنني لم أجتاز أحد المقررات وفي نظام كلية الطب عليك أن تنتظر سنة كاملة حتى يسمح لك بإعادة المقرر، لذلك اعتزمت على تأجيل الفصل الثاني مما تسبب في وجود فترة فراغ لدي، وهذا الذي جعلني أميل لمجال اليوتيوب وصناعة الأفلام أكثر، حيث يعتبر عام 2015 العصر الذهبي و المرحلة الزاخرة بظهور “قنوات اليوتيوب” و” اليوتيوبر” وبدأ انغماسي معه يزيد أكثر فاكثر، بدأت الإنخراط والتعمق في قنوات اليوتيوب، وأحسست فعليا وحرفيا أن هناك مايشدني تجاه هذه المجال، فاستمررت بمتابعة مختلف اليوتيوبر، و كيفية صنع افلام يويتوبية، وتصويرها مع تعلم كيفية إخراجها بالشكل والقالب الذي يليق بالمجتمع المستهدف.
وهل للطب تأثير في مجال صناعة المحتوى واليوتيوب؟ أم أنه لم يكن عائق؟
لكل صانع محتوى ثغرة، وثغرتي تتمثل في كيفية الموازنة بين دراسة الطب وصنع المحتوى، حيث أن كلا الجانبين مهمين ولا أستطيع التفريط في كفة ضد الأخرى، فكان هذا بمثابة تحدي كبير بالنسبة لي ، لذلك ارتأيت إنه من الأفضل أن أهتم بدراسة الطب لعامي 2016 و 2017 المنصرمين وحتى منتصف 2018 وهو بداية المرحلة السريرية من دراسة الطب، والذي تمحور حوله أول فيديو رسمي لي في القناة، وقد حصد على تفاعل عالي من قبل المشاهدين.
كيف كانت الإنطلاقة الفعلية للقناة بعد دخولك في المرحلة السريرية للطب؟
بعد التفاعل الملحوظ الذي لحظته للفيديو الأول، وضعت تصور لمحتوى القناة في المستقبل، حيث أنني ارتأيت أن اضعها كقناة خاصة لنقل تجاربي في المجال الطبي وذلك حتى أفيد طلبة الثانوية المقبلين على إختيار تخصصاتهم في المرحلة الجامعية الأولى وطلبة الطب لأنهم يمثلون جمهوري المستهدف_أولا وأخيرا_، والحمدلله بعد التفاعل الإيجابي الملحوظ لقناتي وتقبل الطلاب له، بدأت بالتخطيط للفيديوهات المستقبلية للقناة مثل “هل الطب معاناة أو متعة” و ” يوم في حياة طالب طب”، وفيديوهات أخرى كثيرة بها شرح وافي وكافي لنظام الدراسة.
ما الذي دفعك لإكمال المسيرة في عالم اليوتيوب رغما عن التحديات والمصاعب التي واجهتها في هذا المجال؟
في الواقع دائما كان ما يتبادر في ذهني تساؤلات عديدة حول هذا الموضوع، ولما استمر في صنع المزيد من الفيديوهات رغم الصعاب التي واجهتها _ والتي سأذكرها لاحقا _ ، والإجابة كلها كانت تتلخص في كلمة واحدة ألا وهي ” الشغف”، أو بمعنى آخر حب التحدي ومواجهة النفس والعقبات بصورة تجعلني متميزا عن أقراني ولي القدرة للإبداع والتميز في المجال الذي يلهمني ويحمسني، حتى أنني دائما ما كنت أردد بعض العبارات التحفيزية مثل “إذا لم أقم بفعله اليوم، فمتى سأفعله إذا؟” وأعيد على مسامعي أن “هذا الأمر واجب علي فعله لأن لا أحد غيري سيفعل” وهلم جرا .
ماهو مستقبل القناة؟ وماهو المرجو منها؟
لأن دراسة الطب ليست بالأمر السهل ولا بالصعب كذلك، فإنني أرغب حقيقة في تبسيط الأمور الدراسية للطلاب على قدر المستطاع، حيث كما أسلفت سابقا فإنني أجيب على معظم تساؤلات الطلاب الطبية والحياتية نوعا ما، وأحاول تسليط الضوء على المشاكل التي من الممكن أن يقع فيها الطلاب في حال أنهم أخفقوا في فصل من الفصول، أو تعرقلوا في المواد المطروحة. وكما هو الحال في الطبيعة البشرية فبمجرد ما أن يعلموا أن هناك من سبق وقد خاض نفس التجربة التي أنت مقبل عليها فإن العبئ النفسي والإجتماعي سيقل كثيرا.
وهل القناة قد حققت المرجو منها أم لا، هذا ليس بالأمر السهل معرفته، ولكن بإمكاني القول أن القناة ساهمت في تشكيل سحابة إيجابية لدى الطلاب سواء كان في المجتمع العماني أو على مستوى الدول المجاورة، حيث أني لاحظت أن معظم المشتركين في القناة هم من أشخاص عمانيين، ولكن كتفاعل في خانة التعليقات فأغلبهم من من طلاب ليسوا بالعمانيين بل هم من دول أخرى كالسعودية والعراق والخ، وهذا أمر ممتاز بالنسبة لقناة مازالت في طور النمو حيث أنها لم تنتشر فقط على مستوى بقعة جغرافية واحدة بل تجاوزت ذلك.
وهنا يأتي دور الأهل أو العائلة من الدرجة الأولى، كيف كان تجاوبهم معك ما بين الدراسة واليوتيوب؟
نسبيا كانت ردة فعلهم إيجابية، ولكن دائما ما كانوا يسألوني عن الدراسة، ماذا ستفعل؟ وكيف ستوازن بين هوايتك ودراستك؟ نعم هم يساندوني ويشجعوني كثيرا ولكن ليس على صالح دراستي واجتهادي في التخصص، وفي الحقيقة دائما ما أجيبهم على أن حبي وشغفي باليوتيوب أصبح كوسيلة للترفيه بالنسبة لي عن ما تسببه دراستي من ضغوطات نفسية وكبت للموهبة، ومن الطبيعي أن أضحي ببعض من وقتي في سبيل تنمية موهبتي وهوايتي، حيث أنني كنت غالبا أقوم بعملية “المونتاج” يوم الجمعة في وقت الإجازة، وحقيقة إذا كان لليوتيوب تأثير في حياتي فلم يكن تأثيره علي على صعيد الدراسة وعدد الساعات الأكاديمية، إنما كان تأثيره نوعا ما فكريا، حيث أنني أفكر غالب بإخراج فيديوهات ذات جودة وأهتم بالكيف وليس بالكم في محتواي.
– هل أحدثت القناة أي تغيير على شخصيتك ؟ وكلمة أخيرة توجهها لطلاب الطب والمتابعين لك؟
بصراحة لا أرى أن قناتي سببت ذلك التغيير الهائل في شخصيتي والمثل بالمثل لا أنكر تأثيرها تماما، حيث سبق وأن واجهني موقف من المواقف الطريفة في كافتيريا “مطعم” الجامعة، وذلك بإن أتاني طفل يبدو من هيئته على أنه ذو عشرة أعوام، حاملا في يديه ورقة وقلم وسألني ” هل أنت أحمد الهنائي؟” فأجبته بالإيجاب مستفسرا عن سبب قدومه لي، وقد بدت علي علامات الدهشة، فكيف بطفل وفي هذا العمر أن يتعرف علي! ، وقال لي بإنه يتابعني عبر اليوتيوب ويأمل أن يصبح طبيب في المستقبل من خلال ما يراه عبر القناة، وقبل أن يغادر طلب مني توقيعي، وذهب مخلفا في رأسي مليون إستفسار متعجبا كيف بإن من خلال قناة يستطيع الإنسان أن يترك أثرا في نفوس الآخرين، وحقا حينها استشعرت قيمة الحديث النبوي الشريف حينما قال صلى الله عليه وسلم ” من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرا أو ليصمت”.
في جعبتي حقيقة ليس بكلمة أو كلمتين لزملائي وأقراني، فمن خلال تجربتي رأيت واستشعرت إنه يجب على الإنسان حماية حلمه وحماية هدفه وطموحه، لأن مع مرور الأيام والأشهر بل السنين سيندفن الحلم أحيانا ومن الممكن أن يصبح طي النسيان، حينها هنا يكمن الفرق، هل ستستسلم لهذه المتغيرات وتترك حلمك وطموحك طي النسيان تتقاذفه الرياح حينا بعد حين، أم أنت ستصبح الشراع الذي يصد هذه الرياح ويحمي الحلم من أن يدفن تحت التراب؟، لا أنكر أن الطريق صعب ومحفوف بالمخاطر ولكن عليكم أن تكونوا كفؤا للمهمة التي قدمت لكم.