مطر …!!
راشد بن حميد الراشدي
عضو مجلس إدارة جمعية
الصحفيين العمانية
اليوم ومع مضي سنين العمر يتدفق الحب للوجود والموجود من بني البشر، أحاسيس صادقة تحمل البِشر للجميع، وتأمل الخير للجميع فلم يتبق شيء من هذه الحياة جميل فلقد اختلط الحابل بالنابل، في هذا العهد الناس تعيش كأنها أشباه ناس لم تخلق لهم قلوب البشر، ولا مشاعر المخلصين، جوعى للمال والجاه والسلطان والتفرد باسم البشرية جمعاء، لا ظلال لهم ولا روح لهم ولا مكان لهم، عندما يرتحلون من هذه الدنيا لا يبقى لهم أثر، هكذا يعيشون وهكذا عاشوا قلوبٌ كالحجر صلدة يكسوها غبار أفعالهم وأفكارهم، يمضون في خراب الكون باستمتاعهم لشهواتهم وسماعهم لأهوائهم، لاهون غافلون مجانين بدون جنون، وقاسون مع السنون أخذتهم الأيام لمرادهم فطغوا في البلاد وعاثوا فسادًا، وانقلبوا نقمة على العالم بأسره فانظغط الكون بأفعالهم وأعمالهم القبيحة؛ فأصبح بلا طعم ولا لون ولا رائحة، مأربهم الدنيئة تقودهم لخراب بيوتهم، وما ارتكبوه من مآسي في البشرية وبال تلفح وجوههم نارا بشرورهم، هم قساة هذا الزمان وأشراره لا يعتبرون لبشر ولا حجر ولا يهتز وجدانهم لأي خطر، ماضون ماضون هذا هو زماننا اليوم قتلى بلا سبب وكذب وتدليس بأمراض وحروب وفتن كقطع الليل المظلم، وهي خواء لا حقيقة فيها إلا إيذاء الأمم وافتعال النقم .
الإسلام والحقوق والمكارم والأخلاق غرباء عليهم، لا فطرة سواء تقومهم ولا دين يمسك زمام أمورهم، ولا سماء يستظل الخير تحتها أزكيت الأنوف من خساستهم، حتى أدميت الأنفس ورُفعت أكف الدعاء .
اليوم ومن أجل النفوس الباقية على يقين الحياة الصالحة وللنفوس الزاكية على الإيمان بالله أردد كلمات المطر وأكتبها أملاً فيما بقي من سر الوجود في هذه الحياة فأقول لها داعياً رب العباد :
أمطري أيتها السماء وأخرجي ما بك من مطر
أمطري ولكن ليس على الأرض والشجر بل على قلوب البشر فهي صلبة قاسية كالحجر
أمطري كى تعود القلوب كما كانت في الصغر لا حقد ولا كراهية ولا ضجر
أمطري رحمات واستجابةً للدعوات من رب البشر …
أمطري لعل الصلد يلين قلوبنا فتمطر
أمطري لعل الغد يحمل في طياته أمرًا جديدا في نفوس أعياها الصبر
أمطري لعلنا نعود كالرباط المتحد
أمطري فالعهد الذي بيننا أن نعيش بلا حسد
أمطري فكساؤك الأخضر بلله الخبثاء بأفعال كُثُر
أمطري فإذا لانت قلوبنا عدنا كما عاد البشر فرحا وسرورا وجنة في الدنيا سنحياها بقلب منهمر .
أمطري أمطري أمطري لعل الله يبدل الأمر بصلاح حال العباد ورجوعهم إليه ولفطرتهم السوية فبيد الله مقادير الأمور. فهو يدبرها في كل الأزمان.