في قصر العلم العامر تنادى الخيرون أفواجا
راشد بن حميد الراشدي
عضو مجلس إدارة جمعية
الصحفيين العمانية
كان يوم الأمس هو اليوم الثاني لمجلس عزاء المغفور له جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور، وحجيج المواطنين والمقيمين والوفود الزائرة طوابير تمتد مئات الأمتار؛ جاءت من كل فجٍ عميق من محافظات السلطنة، ومن دول العالم أجمع، ومن مختلف قاراتها؛ تنشد التعزية في المغفور له سلطان القلوب، وللتخفيف عن أفراد الأسرة المالكة الكريمة، والشعب العماني مستذكرةً سيرة السلطان الراحل العطرة – طيب الله ثراه-.
الأمس دُعيت من قبل غرفة تجارة وصناعة عمان، برئاسة أخي سعادة قيس بن محمد اليوسف رئيس الغرفة، والتي أتشرف بأن أكون عضوا من أعضائها، ومساهمًا في إحدى لجانها الرئيسية لجنة النقل والقطاع اللوجستي؛ لتقديم واجب العزاء لحضرة صاحب الجلاله السلطان هيثم بن طارق آل سعيد حفظه الله وأسرته المالكة الكريمة، مع وفد كبير من الجهاز الإداري بالغرفة ورجال الأعمال، ورؤساء وأعضاء مجالس الفروع بالغرفة من مختلف محافظات السلطنة، وكم رأيت وأنا أقترب من مجلس العزاء الأعداد المهيبة من أبناء عمان وهم يصطفون في صفوف جماعية منظمة، وأفئدتهم متعلقة بالسلطان الراحل يلهجون بلسان واحد رحم الله السلطان ، غفر الله للسلطان ، إلى جنات الخلد أيها السلطان .
جاؤوا أفواجًا من كل صوب من مختلف ولايات السلطنة، شيبًا وشبابًا ينشدون هدفًا واحدا، ويستذكرون ماضيا واحدا، وينظرون لمستقبل واحدا واعدٍ بسلطان يكمل المسيرة، ونبراسٍ ينير عمان وقبسٍ من روحٍ زكيةٍ أعدته لخلافاتها على الأرض، وهو على الوعد سائر وعلى العهد مثابر، وعلى طريق أسلافه ماضٍ بعمان نحو أمجاد يسطرها، ونهضةٍ يخططها، وخيرات ثمارها يانعة مدى الأزمان بإذن الله .
في قصر العلم العامر كان اللقاء بعاهل البلاد وأسرته المجيدة، وبرغم ألم الفراق وحرقة النفس؛ وقف سيدي السلطان حاملا مشعل الوطن، حاملا آمال الوطن بصورته البهية المخلصة لله، والوطن، والشعب، وأمته العربية والإسلامية، والعالم أجمع صابرا محتسبًا لله في فقيد الوطن، متقبلا التعازي من أبنائه المواطنين، وجميع المعزين من داخل السلطنة وخارجها في تلاحم جميل وهدوء وسكينة وسلاسة في وصول الجميع للسلام عليه .
اليوم تنادت جموع الناس جميعا نحو قصر العلم العامر؛ لتقديم واجب العزاء والسلام على حضرة صاحب الجلاله السلطان هيثم بن طارق آل سعيد حفظه الله في مشهد آخر جديد، وفصل جديد من حياة هذا الشعب الكريم .
فطوبى لعمان وشعبها هذا العهد الزاهر المشرق، وطوبى لنا نحن الجيل الذي عاش في كنف رجل أخلص لعمان حتى مماته، ورجل يحمل أمانة الصادقين المخلصين لهذا الوطن وشعبه .
عزاؤنا كبير في سلطاننا الماجد، وعزاؤنا كبير في شعب صامد على الحب والخير، يدا بيد مع قيادته الحكيمة الراسخة على ثرى وطنٍ عزيز ماجد.
حفظك الله سيدي السلطان هيثم بن طارق آل سعيد وعظم الله آجركم في مصابكم ومصاب عمان الجلل .
ورحمة الله تغشى قبرك الندي يا سلطان السلام والوئام رحمةً واسعة.