المصاب عظيم والخطب جلل
فتحية بنت عبدالله الفجرية
قال تعالى : ” كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ “.(185) سورة آل عمران.
تاريخ الرحيل : الجمعة (١٤ /جمادى الأولى ١٤٤١ ھ – ١٠/يناير ٢٠٢٠م )
تاريخ إعلان الرحيل : السبت (١٥ جمادى الأولى ١٤٤١ھ ١١/يناير /٢٠٢٠م).
في الساعة الرابعة فجراً ،استيقظت على رنين هاتف أمي إذ بأخي يتصل ليطمئنها أنه وصل إلى مقر عمله ،حيث تم الإتصال به كباقي الجنود الأشاوس أبناء عمان الأوفياء من مسؤوليهم في العمل لحالة طوارئ لبوا نداء الوطن ،كنا نظن أن الطوارئ كان للشأن السياسي الذي تمر به المنطقة ، لم يخبرنا بأي شيء حينها ،بعدها إلتفتُ إلى هاتفي ،وإذا بي أرى إشعارات كانَ أحدها ” لله ما أعطى ولله ما أخذ ” قلتُ خيراً وإذا بإشعارٍ آخر يقول “عظم الله أجركم ..عظم الله أجرك يا وطن ” ،انقبض قلبي قلت :إن شاء الله لا ..إن شاء الله سلطان البلاد بخير ،ربما شائعة ،هرولت مسرعة إلى التلفاز ،ليطمئنَ قلبي وأهدئ من روعي ،لعلي أجد خبر ينفي كل ذلك ،وإذا – ب عاجل جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور المعظم في ذمة الله تعالى .
يا الله .. !!
انقبض القلب وجادت العيون بالدموع ولسان حالي يقول : ” إنا لله وإنا إليه راجعون ” إنتابني الخوف في إخبار أمي ، المصاب عظيم والخطب جلل ،كيف أخبرها بهذا الأمر العظيم ؛ إني أدرك يقينا أنها لا تقوى على سماع الخبر ،ف أمي حالها حال من أدركوا فترة حكم السيد سعيد بن تيمور وعاصروه ،كذلك عاشوا لحظات تولي السلطان قابوس بن سعيد رحمه الله مقاليد الحكم ووعده لهم بأن يعيشوا سعداء كل تلك الأحداث شاهدوها.
في آخر لقاء ل مولاي صاحب الجلالة السلطان قابوس رحمه الله لم تكف عن البكاء كانت تكرر”عيش ولادنا ” ،” معيشنا ” ،تبكي بحرقه وأعلم يقينا أن كبار السن مثل حالها ،لم أستطع رؤيتها تبكي أخذت أواسيها بقولي : عليه أن يرتاح هو في قلوبنا وفي قلب كل عماني وكل جزء من عمان ..لن ننساه ماحيينا.
يوم لم تشرق شمسه ،يوم عاصف لم تسكن رياحه ،سماء ماطرة ،يوم مخيف ،مظلم ،موحش ،مرعب ،محزن ، موجع أي مصاب جلل أصابنا ها أنا أفقد أبي للمرة الثانية ،يا الله توشح السواد الحالك بلادي ،يُتم حل على دياري ابتدأ من الخبر إلى تلاوة القرآن الكريم في كل القنوات إلى الموكب السامي الأخير إلى الجنود الأشاوس المرابطين إلى الجنازة الطاهرة إلى تشييع الجثمان الطاهر إلى الصلاة في الجامع الأكبر إلى مقبرة الأسرة الحاكمة حيث يوارى الثرى والدعاء للفقيد السلطان الراحل ، الأب الحنون ، رجل السلام باني عمان ، الفذ الهمام، انتابنا الخوف ،من سيخلف عمان من بعده ؛لكننا نجد أن المدرسة القابوسية كانت حاضرة في كل تفاصيل هذا اليوم ،بالرغم من رحيله ،إلا أنه لايزال يقدم لنا الدروس نعم مولاي رسم كل شيء أمن عمان ووصى عليها ،جعلها بين أيدي أمينة ،كان حريصا كل الحرص على عمانه حتى آخر لحظة له في هذه الحياة كان يتوشح عمانه ،لله درك سيدي .
سنفتقدك سيدي ،سنفتقد الخطابات ، سنفتقد الفصيح فيها ،سنفتقد الموكب السامي ،البروتوكول كل ذلك سيدي؛-لكنك ستظل مخلداً في قلوبنا وذاكرتنا ،فنحن كما قلت :
“نحن نؤمن بأن ( الموت) والحياة هي بيد الله سبحانه وتعالى ، الذي يتوفاه الله ذلك أمر الله ونسأل الله سبحانه وتعالى العفو والعافية “.
-قابوس بن سعيد
أي خطابات كانت ،أي دروس كانت ،أي مواعظ يا أبتي ، اللهم أوجب لأبي غفرانك وجزيل إحسانك وصفحك ورضوانك يا أكرم من سئل ويا أوسع من جاد بالعطاء ،اللهم أحشره مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
جبر الله فقد قلوبكم أبناء عمان البرره وألهمكم الصبر والسلوان ، وإنا لله وإنا إليه راجعون .