عزماء الحضرمية
بسمِ الله علَى دربِ الحبِّ نمْشي ونشرَع، وبنهجِ الهائمينَ نستدلُّ ونتبَع، ولمقامِ العشقِ نصلي ونركَع، ففي صلاةِ الحبِّ لا خوفٌ ولا جزع، أمّا بعد:
حضرَة القلبِ المجرمِ الهائم، معذّبي وعذابِي ، سارِقي من جلبابِ أحزانِي، ومُغدِقي بذنبِ الحُبِّ حتى اسودّت أيامِي، مُغرقِي في ذاتِي ومهيئي لجحيمِ حياتِي، وسائقِي لصوتِ الحبِّ العاتِي، حتّى غَدوتُ أفرُّ منكَ كلّما استجوبتَني، أولي عنكَ كلّما اتقدَ الشوقُ داخِلي، حضرَة القلبِ البائس، لقد وجدتُ فيكَ راحتِي وقتالِي، فاسمعْ همسَ حنيني المُتعَالي، فلا الصبرُ يتحملُ ما فعَلت ولا عينايَ الناطقتانِ قهرًا وجنونًا، حضرَة القلبِ الجاهلِ بشريعةِ الحبّ، لا بأسَ عليكَ ولا تنكِيل، ففي حضرةِ الحبّ كلّنا جاهِلون، فتأرجُحكَ بين ثباتٍ واندثَار وتلكؤكَ في المسيرِ لمْ يكنْ خطأكَ وحدك، بل كانَ خطئي كذلِك، احتفظتُ بمشاعري فبتُّ أخافُ من إظهارِها حتّى بقيتُ معلقةً بينَ رغبةِ الحبِّ ورهبةِ الخذلان، بينَ صدقِ الشعورِ و كذبةِ الكبرياءِ والعصْيان، حضرَة قلْبي المتأرجِحِ بينَ حاءٍ وباء، المتهربِ منَ الحقيقةِ التي خُلقْنا منْ أجلِها حتى زهقتْ، ما كنتَ ستفعلُ لو أنِّي استنْجدتُ بقلبٍ آخرَ غيرَك؟ لو أنّكَ تأخذُني من هَذا التيهِ إليك أو أنّكَ لم تتركْني أبكِي في منتصفِ طَريقِي إليك، فأنَا ما كنتُ دونَك؟، أخبِرني مَا كنتُ دونَك؟ حضرَة القلبِ الشقيّ، مَا زلتُ أهرعُ إليكَ بحثًا عن مسكَن، فبحقّك لا تنفِيني منْ هذا الموطِن، أوكانَ الشوقُ عقَابي؟، أخبرني إذًا ما ذنبُ الحُبِّ حتى بينَ غُرفاتِك يُسجَن؟، حضرَة قلْبي المكلُوم، لا بأسَ عليّ، لا بأسَ عليكْ، لبّيتُ نداءكَ لبّيت، لا حُبَّ سيأتِي ليُؤذيك.
