ذكرى وذكريات
حمد بن سيف الحمراشدي
في حياة كل إنسان ذكرى تنشأ منذ بداية طفولته وتصاحبه في حياته سواء كانت ذكرى حسنة جميلة أو عكس ذلك ولكن بعض الذكرى او الذكريات يصعب نسيانها كونها حدثت في ظرف معين وتبقى عالقة في الذهن وفي العقل الباطن نتذكرها فجأة أو نستذكرها عمدا لما لها من أثر في النفس من وقع جميل وسعادة والعكس صحيح .
وقد نتذكرها أو تطفوا على قلوبنا ذكرى مؤسفة عالقة في النفس والفكر والعقل الباطن وتؤثر فينا سلبا (مهما) حاولنا نسيانها .
أغلى ما يمكن أن يعلق بالذهن ذكريات الطفولة والتي غالبا نطلق عليها الطفولة البريئة.
* وسابقا كانت الذكريات تنشأ في بداية نشأتنا في المنزل والحارة والمسجد والسوق والمجالس العامة وأماكن اللعب واللهو كما هو الحال الآن ، ولكن
كنا سابقا نعيش ذكرى تختلف عن وقتنا الحاضر كانت لنا حياة أخرى عشناها مع الحياة الحقيقية الصعبة البسيطة المتواضعة، عشناها يوما بعد يوم و كل ما في ذهننا هو كيف نجد ما نعمل لأجل أن نأكل ونلبس وتستمر الحياة .
ذكرياتنا كانت مع النخلة والشجرة والعلف والقت والرقاط وعساج الليمون وجني الحشيش من الجبال والسهول والأدوية لبيعها في السوق ونحصل من خلالها على بيسات حمراء لنشتري بها أقل ما نتوقع من رز وسمك وطحين وأحتياجات أخرى في مواسمها السنوية.
جميل أن تبقى في ذاكرة الفكر والعقل الباطن تلك الصور والذكريات حين تطفوا على يومياتنا ونحن نتذكرها بحب وشغف وأمتنان .
نتذكر حينما كنا ننهض ونحن أطفال عند أذان الفجر وقبل أن تشرق الشمس وقد أعددنا أنفسنا ليوم عمل طويل من طلوع الشمس إلى غروبها نعد أنفسنا من الفجر ونخرج لأول ما نقوم به هو الرقاط وهي صفة يومية نقوم بها طيلة فترة ثمار النخيل ونلتقط من تحتها ما سقط من عضوقها في الليل ، كنا نتسابق كأطفال وبنات ونساء وحتى بعض الرجال إلى النخل العالي فهذه النخل أكثر من النخل الآخر التي لازالت شابة أن تسقط ثمارها أو قل أن النخل العالي عند النضج أكثر تساقط لزيادة الثمر بها لنواصل اليوم في عمل يتلوه عمل .
ذكريات قد لا يرى البعض أنها ذات نكهة بالغة التأثير أو بالغة الأهمية ولكن هي في الواقع مهمة وعطرية بالنسبة لمن عاش زمن النخل وتربية الحيوان في ما عرف بالدرس أي مكان ربط الحيوان الذي يقع بالقرب من الصُفّة أي ما تعرف الآن بالصالة والدرس قرب الصفة والصفة قرب القنت والقنت تلك الغرفة التي كنا ننام فيها والتي أصبحت تعرف اليوم بغرفة النوم وما أدراك اليوم بغرفة النوم وما أدرى الكثير اليوم بحال القنت في ذلك اليوم .
اليوم تتكدس الذكريات في كرة قدم وكنا سابقا نلعب شبيها لها لعبة الكربة وما أكثرها من فنيات تختلف كثيراً .
يقال لكل زمان أهله .
ومسلسل الحديث عن الذكرى والذكريات لن يتوقف فالحديث ذو شجون ونأمل أن نلتقي مرة أخرى في حديث آخر .