طبيب هندي في قرية عمانية (تجربة العمل في عيادة خاصة مدة ٣٣ عاما)
راشد بن حميد الجهوري
ذكريات المهنة عندما يكون عدد سنواتها يتجاوز الثلاثة والثلاثين فإنها تكون جديرة بمحاولة استخراج عصارة الخبرات المتراكمة، والتي تمثل خلاصة تجارب وانطباعات، وتزداد أهميتها عندما يكون صاحبها طبيبا ترك أثرا في المجتمع المحيط بعيادته الصغيرة، فمهنة الطب كما يقول بنفسه: ( الطب هو بالفعل مهنة نبيلة، ويجب أن ينظر إليه بهذا الاعتبار) ، فعلاقة الطبيب بالمريض علاقة يجب أن تتجاوز المنفعة المادية -حتى في العيادات الخاصة- فهي إنسانية في المقام الأول تتعامل مع المشاعر ومعنويات المريض كما تتعامل معه عضويا طبعا.
لقد عمل الطبيب الهندي (علي عرفان) في عيادته الخاصة في قرية قارح بني خروص بولاية السويق مدة تتجاوز الثلاثة والثلاثين عاما، حيث كانت بداياته في مطلع الثمانينات من القرن الماضي، وهو معروف لدى الصغار والكبار في المجتمع المحيط بالعيادة، وحول انطباعه عن إقامته هذه المدة في السلطنة يقول: ( أنا سعيد لقضاء هذه الفترة الطويلة في سلطنة عمان لأن الأفراد متعاونين فيها ويلتزمون بالقانون ويتمتعون بطبيعة بسيطة، وهي بلد مسالم خالي من التلوث) ، واعترافا بتوفر بيئة العمل المناسبة وبتعاون صاحب العيادة فيقول عنه: (رجل متواضع ومتعاون وطيب القلب، ولهذا لم أجد أي صعوبة في العمل).
هناك بعض الأفراد في المجتمع يظنون أن الطبيب علي عرفان متخصص في طب الأطفال، ولعل هذه الفكرة وردت في أذهانهم من خلال ملاحظتهم عنايته بالأطفال ونوعية الأدوية التي يصرفها لهم، فيصحح هذه المعلومة ويقول: (أنا لست طبيب أطفال، بعض الناس يعتقدون ذلك) ، ويواصل حديثه عن علاقة المرضى بالأطباء فيقول: (عادة لا يواجه المرضى أي صعوبة مع الأطباء ويحترمونهم) ، وعن بعض العادات غير الصحية في المجتمع العماني يقول: (معظم الناس في عمان يؤمنون بالعادات الصحية القديمة ولا يريدون تعديلها).
وتحدث الدكتور علي عرفان عن سبب تفضيله العمل في عيادة عن مركز طبي مع امتلاكه لهذه الخبرات الطبية فيقول: (العمل في العيادة يمكنك من من إصدار أحكام عادلة خاصة بك فيما يتعلق بعلاج المرضى، والعكس في المراكز الطبية حيث يتم إرشادك كطبيب فيها إلى ما تكتبه من أدوية باهظة الثمن، والفحوصات غير الضرورية لاستخراج الأموال ولتشغيل الصيدليات ومستلزماتها، وباختصار: في عيادتنا الخاصة خالية من هذه الإملاءات).
هناك أمر ملاحظ على طاولة مكتب الدكتور علي عرفان، ألا وهو وجود مراجع وكتب طبية، وهذا بطبيعة الحال يعبر عن استمراره في مطالعة مستجدات تخصصه، وحول ذلك يقول: (أحب دائما القراءة في الطب وما يتعلق بالدواء، وما زلت أبحث في هذا المجال، لأن القراءة لها دور في تحديث معرفتي، ولأننا مع مرور الوقت ننسى، لذلك علينا أن نجدد المعلومات ونتطور معرفيا من خلال القراءة) ، وهي رسالة لكل صاحب وظيفة أو تخصص أن يستمر في المطالعة ويجدد معلوماته ويطلع على الجديد في مجال تخصصه.
وتحدث عن أمر سلبي يفعله بعض الناس في المجتمع، وهو أخذ الدواء من الصيدليات دون وصفة طبية، فقال: ( بعض الناس يفضلون زيارة الصيادلة عن طريق سرد الأعراض، والتعرض للأذى ماليا وسريريا، لأنهم يعتقدون أن الأطباء يأخذون المال مقابل ورقة بسيطة مكتوبة).
ويعطي تنبيه حول علاج الأطفال في المراكز الطبية -بدون تعميم طبعا- فيقول: (الأطفال الصغار جدا يحصلون على مضادات حيوية غير ضرورية في الحمى الفيروسية والأدوية دون النظر إلى وظائف الكلى والكبد غير الناضجة).
ويعطي نصيحة حول الأمراض المزمنة كالسكري وارتفاع الضغط والدهون فيقول: (هذه أمراض مرتبطة بأسلوب الحياة، لذا يجب أن تحدث التغييرات في نمط الحياة، مثل: ممارسة المزيد من التمارين، ووجود كميات أقل من الدهون والسكر، وحياة أقل توترا).
وختاما: شكرا للدكتور علي عرفان على هذه الإفادات الجميلة، وعلى هذه الخلاصات المفيدة، ونتمنى له المزيد من الإنجازات والنجاح أينما كان.
(المصدر: مقابلة مكتوبة مع الطبيب علي عرفان في أواخر ٢٠١٧م عن طريق البريد الإلكتروني).