السماء مستودع الأمنيات
هيثم بن حمد الجهوري
تتعاظم الخطوب ويتسارع دوران رحاها كأن صوت صرير الألم بين فكيها يزيدها لهيباً..
حتى تسحق جبال جَلدنا والعنت، فيغدو حطاماً هشًا تبعثر سكونه رياح الآهات وتستنزفه أمطار الأوجاع حتى تعريه من ذلك الشموخ والصلابة ويبقى التصاقه بثقل الأرض هو الإيمان النابع من سراديب الأرواح لتشد من أزرنا وتربط على قلوبنا بأنَّ الله أكبر من كل الأوجاع وأكبر من عظيم أحلامنا ورجاء أرواحنا فنظل نواري الآهات بالصبر الجميل ونحتسي كؤوس الأمل وكل الرجاء في توثيق تلك العراه بحبل الله المتين الذي نشد من عراه في صلواتنا وخلواتنا وابتهالاتنا
لعل الانفراج يكون أجمل وأقوى وأقرب مما نعد فإن رحمة الله هي التي سوف تُنيرَ القُلوب التي أطفأها البعد والأسى حتى نَضِبَت سواقيها وجفت ينابيع القلوب والمحاجر
هي الرحمة التي رسائلها أعظم مدارك العقول وفضاء الأمنيات وهشاشة القلوب فكيف يكون البِئرُ المظلم الضيق هو سبيل الأمان والنجاة وكيف يكون اليم هو الحضن الأمين لرضيعٍ لا يملك من أمرهِ شيئاً وكيف للنار اللظى أن تكون برداً وسلاماً على الأجساد…
هنا نترقب إبتسامة ثغرك وهي تجردنا من كل عوالق الأسى
وأنتَ منذُ أن تنفست الدنيا وتبادلت القُبل مع الأم الرؤوم بتلك النظرات التي عجز وصفها قبل شرح معناها لترى فيك السعيد الذي يحوط القلوب بتلك الابتسامة المعتقة بصنوف الحب والاحترام
ومن وقتها وأنت يا صديقي تصافحنا ابتسامتك أول كل لقاء وتشيعنا وجنتاك وهي ضاحكة نرى فيها نقاء سريرتك.
كم تقاسمنا فتات الأيام سوياً وجمعنا ذكرياتٍ هي الدفئ لشتاء مشاعرنا والربيع لجميل أحلامنا.
إياك يا صديقي أن تغفل أنك تتوسط عقداً مكونًا من سبعة عشراً روحاً تناغمت وانسجمت في اتساقٍ عنوانها الصحبة ، عد إلينا حتى يعود البريق يزين العقد الذي لا يزين إلا بك.
واليوم أرى انعكاس صورتك في كل الوجوه وفي جميع الطرقات التي تعثرت فيها خُطانا معاً.
وأنا أصطف في قوافل المحبين أترقب شمس نهارك أن تبدد ظُلمة أرواحنا بحثتُ في لغات الحب فكان أجملها وأصدقها هو الدعاء
واليومَ نَحيكُ ابتهالات القلب ورجاء الفكر بتمتمات تهمس بها الروح وتعطرها المدامع وتغلفها أصدق الدعوات لتطيرَ بها الأفئدة وتتلقفها السماء تُخزنُها سحائب الرجاء والرحمة يشتد حملها وتمتزج خيوطها بحبر المدامع
يثقلُ حِملُها فنتنفس رائحة الغيثِ تحوم في سمائك نقلب الأبصار في وجل ويصطف النبض في ترقب بشائر قطراته وهي تداعب جسدك المتعب بكل قطرة تمسح في أوجاعك حتى يغتسل جسدك النحيل من كل الأوجاع والأسقام ونستمع لرعد غيثك وهو يرتل (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ۖ هَٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ).
اللهم ألبسه ثوب الصحّة والعافية
عاجلاً غير آجل يا أرحم الرّاحمين
وجميع مرضانا وسائر مرضى المسلمين