د.خالد بن علي الخوالدي
Khalid1330@hotmail.com
يظن بعض البشر أنهم وصلوا إلى مكانة الملائكة بلا أخطاء وينظرون إلى غيرهم من طرفٍ خفي على أنهم المفسدون في الأرض، ظنا منهم ووهم وإلا فهم أبعد عن الكمال البشري فكيف بالملائكي، وما يجب أن يؤمن به الجميع أنه لا يوجد إنسان يخلو من أخطاء فنحن بشر خرج أبونا آدم بخطأ الأكل من الشجرة المحرمة وسنبقى بشرا نقع في الأخطاء حتى أخر لحظة من حياتنا الدنيا.
إننا نرى في هذه الحياة متناقضات عجيبة وغريبة ويشيب لها الرأس، فهناك من نراه يعمل الخير والصلاح والفلاح حتى نظن أنه بعيد عن الشر فإذا به يخيب ظنونا ويقلب توقعاتنا ويصدمنا بممارساته، ونرى في المقابل من يفعل الشر ويتقلب في المعاصي ليلا ونهارا ونظن أنه بعيد عن الخير فإذا به يخالف توقعاتنا ويقلب موازين إفهامنا بما يفعله ويمارسه من صنوف الخير، وهي نتيجة تقودنا إلى مسلمة بديهية ومعروفه أن بذور الخير في الناس لا تموت وبذور الشر كذلك، لذا علينا أن لا نصدر الأحكام على أحد ولا نهمس بهمساتنا على بشر ولا نزكي مع الله أحد.
علينا أن نؤمن أن الله يهدي من يشاء وأن الخير قد يكون في بطن الشر، فالسحرة الذين جاؤوا لتكذيب موسى كانوا من أكبر الأدلة على صدقه، وعمر بن الخطاب كان من أشد أعداء الإسلام حتى أصبح فاروق هذه الأمة، وخالد بن الوليد كاد أن يقضي على الإسلام في مهده ليصبح فيما بعد سيف الله المسلول، وعكرمة بن أبي جهل كان من بين العشرة الذين أهدر الرسول صلى الله عليه وسلم دمهم يوم الفتح وأصبح في معركة اليرموك قائد ميمنة الجيش وفيها أستشهد، ففي هذه الحياة يمكن لأي شخص أن يتغير من الصلاح إلى الانحراف والعكس، متى ما تغيرت الأفكار والعقليات والاهتمامات.
كلنا بشر ولابد أن تكون نظرتنا إلى بعضنا البعض من هذا الجانب، فمن يمسك المصحف نهارا قد يفعل ليلا ما يتنافى وتعاليم القرآن، ومن يشرب الخمر ليلا قد يشرف نهارا على طلاب علم بماله ورعايته ويتصدق على الفقراء والمساكين، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون) والتوبة سرها مع الله بدمعة في الليل الحالك فلا تراقبوا البشر واهتموا بأنفسكم وارتقوا بها، وفقكم الله جميعا إلى كل خير وأصلح الله نفوسنا مع الله ومع عباده ، ودمتم ودامت عمان بخير.
