2024
Adsense
مقالات صحفية

قراءة تذوقية في قصيدة (هدهد الآمال)

راشد بن حميد الجهوري

هناك في متاهات النفس الشاعرة تتعاظم مفردة (الغياب)، فيكون البوح قصيدة تحمل من معاني الغموض ما يجعلها تستدعي رموز مملكة سليمان (عليه الصلاة والسلام) المليئة بالعجائب، فيكون الأجدر بحمل آماله ذلك الهدهد الأمين خصوصا مع تباعد فترة الغياب، والتي كانت بحجم البحار طولا وعرضا، فيكون نداء العفو عن الطائر هو مفتاح المحاولة نحو تخفيف معاناة (الغياب):
يا سيدي يا ابن داؤد النبي ألا
تعفو عن الطير في إنهاء مأساتي

وعودا على بدء فشاعرنا تخيل في مطلع القصيدة طواف الهدهد يحمل آماله على مدائن الشمس، والتي تحمل لغزا آخر أو بالأحرى فراغا في مخيلة القارئ والمتذوق، بل ويصف طقسها بالشاتي، نعم إنه الشتاء المشمس المتمثل في حلم مرتقب جميل:
أرسلت هدهد آمالي فطاف على
مدائن الشمس في ميقاتها الشاتي

وتتشكل ملامح الحكمة في هذا الخيال الشعري المتشكل بألوان العذل تارة، وبألوان العذر تارة أخرى، فأمام صورة الغياب الطويل تختفي ملامح الصورة المتوقعة، فيكون حال شاعرنا: أنا الغريق فما خوفي من الآتي!؟
إنه المجهول الآتي بعد تجرع كأس الغياب، والذي كان بمثابة الصدمات المتتابعة، فمما الخوف بعد كل ذلك!؟

وبعد: فالمفردات القرآنية لها نصيب وافر في هذه القصيدة، فجنود سليمان (عليه الصلاة والسلام) من طير وجن يؤدون الأمانات، واليم الذي كان سببا في نجاة موسى (عليه الصلاة والسلام) من بطش الطاغية فرعون يرجو أن يكون سببا لنجاته من ألم الغياب، ويستعجل في وصول آماله مناديا رياح سليمان (عليه الصلاة والسلام) أن تحرك سفن آماله نحو نور العشيات، لعله ينال كرامة الوصول إلى مرافئ الشاطئ المأمول.

وختاما: فهذه قصيدة فاحت بها قريحة شيخنا ناصر السابعي، أهتزت لشاعريتها أوتار الذوق، وتناغمت مع ألحانها أطياف الروح لتعلق لوحة جميلة في متحف الشعر العربي:
يا عالمي كيف أجتاز البحار إلى
شواطئ الأمن إن ألقيت مرساتي

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights