2024
Adsense
مقالات صحفية

مقال: ظاهرة الغبار والعواصف الغبارية،،، لماذا؟ 

بقلم الدكتور حسين كاظم
أستاذ مشارك وخبير طاقة

العواصف الغبارية ظاهرة مترولوجية شائعة تحدث في كثير من بقاع العالم الصحراوية كالجزيرة العربية، وهي عبارة عن رياح عاصفة محملة بذرات غبار منقولة من قشرة الأرض السطحية المفككة. ان تزايد نسب العواصف الغبارية في السنوات الاخيرة اصبح سمة واضحة في دول مجلس التعاون الخليجي، وكما يقال لاينبئك مثل خبير فاذا ماسئلنا كبار السن اخبرونا انها اقل حدوثا وشدة في الماضي وكذلك الدراسات والحصائيا تؤكد ذلك. وقد شدني هذا الموضوع لارتباطه بالخلايا الشمسية حيث ان الابحاث العلمية المنشورة في هذا الصدد تعود الى مطلع السبعينات فنجد ان الكويت والعراق والمملكة العربية السعودية كانوا سباقين الى البحث في هذا الموضوع. وقد اعتبرت مسئلة الغبار والعواصف الغبارية من المعوقات لاستخدام الخلايا الشمسية في منطقة شبه الجزيرة العربية. فكان لابد من دراسة هذه الظاهرة في عمان لمعرفة مدى تاثير هذه الظاهرة على اداء الخلايا الشمسية فكانت الرحلة مع الغبار تقود الى معلومات جغرافية ومناخية جدا مهمة.

ولابد من الاشارة الى الجوانب السلبية في ظاهرة الغبار ليس فقط بتاثيرها وتراكمها على الخلايا الشمسية مما يضعف وصول الاشعاع الشمسي وتحويله الى طاقة كهربائية وحسب ولكن ايضا تاثيراته على البيئة والصحة والاقتصاد، فمثلا ان اكثر من 38% من الفيروسات تنتقل عن طريق حبيبات الغبار، وهذه العواصف الغبارية تؤدي الى ازمة تنفس وقد تؤدي الى موت مرضى الربو وكبار السن، ايضا ان محرك السيارة يحتاج الى هواء نظيف لعملية الاحتراق والغبار يؤدي الى انسداد مرشحات الهواء وهذا يؤدي الى خسائر على مستوى الصيانة والعمر الافتراضي للمحرك، ايضا يقلل الغبار من مدى الرؤية مما يتسبب في حوادث سير، ايضا تضفي العواصف الغبارية جهد وخسائر لتنظيف السيارات والمباني وحتى تراكمها على اوراق النباتات هو خسار لانه يجعل خضرتها كئيبة ويقلل من امتصاصها لضوء الشمس في عملية التركيب الضوئي كما هو الحال في الخلايا الشمسية.

لابد هنا من الاشارة الى ان العواصف الغبارية تحدث عند توفر شرطين أحدهما: تربة جافة ومفككة عارية من الغطاء النباتي والشرط الثاني سرعة الرياح. ان الدراسات والصور الفضائية تشير الى ان وجود مصادر للعواصف الغبارية موجودة في جميع أرجاء منطقة الخليج العربي. ولابد من البحث عن سبب زيادة حدوث هذه الظاهرة في السنوات الاخير؟ والجواب ان هناك عوامل طبيعية واخرى مصطنعة كانت وراء هذه الزيادة في العواصف الغبارية. فاما الطبيعية فهي قلة الامطار في الاعوام الماضية والجفاف والتصحر حيث نرى عزوف الجيل الجديد عن الزراعة بشكل ملحوض بل اكثر من ذلك نرى ان المناطق الخضراء التي زرعها الاباء من الجيل السابق حولها الابناء الى مباني، اما المصطنعة فهي اثار الحروب التي عصفت بالمنطقة لاسيما عاصفة الصحراء عام 1991 والتي تزامنت مع شحة مياه نهري دجلة والفرات بسبب بناء تركيا لسدود كبيرة كما ساعد نوع التربة الخفيف على سهولة تشكل هذه العواصف، حيث تشير دراسة امريكية الى ان ارتفاع مستوى التصحر مع زيادة الشحة في المياه ادى الى تزايد العواصف الغبارية في العراق وقد اكد ذلك ممثل الامين العام للامم المتحدة في العراق السيد مارتن كوبلر في مؤتمر البيئة في نيروبي مطلع فبراير 2013 الى انه “العواصف الغبارية والتصحر وشحة المياه هي من اهم التحديات التي تواجه العراق والمنطقة”. حيث ان هذه العواصف تنشاء من منطقتين هما الارض الممتدة بين العراق وايران باتجاه المنطقة الحدودية بين البلدين، والمنطقة الغربية الواقعة بين العراق وسورية والمملكة الاردنية والمملكة العربية السعودية باتجاه الدول الخليجية المحاذية للخليج العربي. وقد يكون من المناسب هنا الاشارة الى ان هذا التاثير يقل تدريجيا عندما يصل الى مضيق هرمز وبالتالي تاثيره يكون في اضعف حالاته على اجواء السلطنة مقارنة مع باقي دول مجلس التعاون العربي. ايضا تجدر الاشارة الى ان المنطقة الواقعة على طول الخط بين خصب مرورا بصحار ومسقط انتهاء بصور هي من اقل المناطق تاثرا بالغبار بسبب موقعها الجغرافي وقربها من البحر علما ان اكثر من 50% من الكثافة السكانية في عمان تقطن في هذه المنطقة. ايضا من ضمن النتائج التي توصلنا لها في مشروع الطاقة الشمسية في جامعة صحار هي ان نوع الغبار المحمول في الهواء من النوع الرملي ذو ذرات باحجام الكبيرة نسبيا مخلوط مع الطين وهذا يعتبر عامل ايجابي حيث يصعب على الرياح حمله لارتفاعات عالية ولمسافات طويلة. وعند المقارنة مع نوع العواصف الغبارية في مدينة ابو ظبي نجد ان العواصف الغبارية ونوع الغبار اسوء في دولة الامارات الشقيقة وقد نلمس هذا جليا بتاثيره على اداء الخلايا الشمسية في مدينة مصدر والتي تتطلب تنظيفها تقريبا مرتين اسبوعيا بينما في عمان قد نحتاج الى تنظيفها كل خمسة الى ستة اشهر تقريبا.

لابد من تكاتف الجميع لحماية البيئة والانسان في عمان من العواصف الغبارية ولعل الاهتمام بالجانب الزراعي وتنميته وهذا مسؤلية المواطن والدولة من جانب والحفاظ على المياه لاسيما باقامة السدود على مياه الامطار بدلا من نزوحها الى البحر من جانب اخر سيكون له اثار كبيرة على تقليل العواصف الغبارية واثارها على السلطنة.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights