مقال: كيف لها أن تُثري؟
صالح بن خليفة القرني
يلعب الإعلام البديل اليوم دوراً محورياً في توجيه مستخدميه، فنجدنا ننساق بلا وعي وأحياناً بوعي نحو ما يفرزه التواصل الاجتماعي من سلع وأفكار، وليس أدل على ذلك من تهافت الناس على ما يعرض في التواصل الاجتماعي من منتجات وأفكار تهافت الجراد على النار.
تأثرت كغيري بما يفرزه هذا النوع من الإعلام الذي قد نكتشف زيف وتضليل بعض ما يُعرض فيه من سلع وأفكار، بيد أن بعضنا للأسف ينساق بكليته نحوها دون أدني مراجعة وغربلة لما يستقبله من محتوى.
وصل الأمر بنا إلى توظيف وسائل التواصل الاجتماعي في تقزيم الجهود والسعي الحثيث لتكسير مجاديف الآخرين، لا لشيء إلا لمجرد أن أحدهم حاول أن يوقد شمعة ويثور على واقع من يلعنون الظلام.
في الوقت الذي نشاهد فيه مبالغ ضخمة تحجز تذاكر ذهاب دون إياب، ومبانٍ شاهقة يركن أصحابها للاستثمار الجبان غير مبالين بأهمية الاستثمار في قطاع يعود بالفائدة على الجميع، حاول البعض أن يستثمر في قطاع يقدم خدمة ويجني ربحاً في آن معاً فهنا مدينة مائية وهناك استغلال المواسم السياحية وتواجد أعداد كبيرة من الناس في بقعة جغرافية لتقديم أفكار
إبداعية تشكل عامل جذب للأماكن السياحية.
انبرى البعض الآخر في التهكم والسخرية من هذه المشاريع والمراهنة بفشلها، ولا أدري ما المصلحة التي يجنونها من هكذا افتراءات ولعل الأدهى من ذلك أن نتناقل هذه الأفكار الهدامة في كل وسائل التواصل الاجتماعي فنبدو كأننا ننثر المسامير في طريق حافٍ يحاول تلمس خطاه في الظلام.
زرت خلال اليومين الماضيين مناطق سياحية في السلطنة وكنت أشعر بغصة حين أرى أماكن غير مستغلة ومورد مهجور كان بالأمكان أن ننشيء منه مشاريع يمكن أن توظف أعداداً هائلة من الباحثين عن عمل وتوفر الخدمة للراغبين في الاستجمام.
قد يقول قائل لم لا توجه اللوم إلى الجهات المعنية؟ أوليس البيروقراطية وصعوبة الاجراءت من ضمن معوقات الاستثمار في هذا البلد؟
لا أختلف في ذلك مع أحد ولكنني بمقالي هذا أطرح قضية النظر لما لدي الغير بإعجاب وإكبار والنظر لما لدينا بسخرية واحتقار ، وتحضرني مقولة لأحمد زويل: ” الغرب ليسوا عباقرة ونحن لسنا أغبياء ، هم فقط يدعمون الفاشل حتى ينجح ونحن نحارب الناجح حتى يفشل”
لا يختلف اثنان على الخدمة الكبرى الذي وفرها المستثمرون في المولات الصينية على سبيل المثال ونجاح التجربة فأنت اليوم تجد منتجات بأسعار في المتناول دون أن تقطع الأميال للدولة الجارة لشراء مستلزماتك فتعميم التجربة على القطاعات المختلفة أمر في غاية الأهمية، بحيث يتم محاكاة التجارب الاستثمارية الناجحة في القطاع السياحي في الدول الأخرى وإقامة مشاريع على غرارها لاستقطاب السائح الخارجي والداخلي.
يتكبد المستثمر العماني الصعاب والمشاق وتقصم ظهرة المبالغ التي يدفعها حتى يرى مشروعه النور مع أنه كان بإمكانه أن يضع المال في بنوك خارج القطر فتنهال عليه الفوائد وهو في بيته أو أن يستثمر في العقار بربح مضمون ولكن هاجس أن يضع بصمة ويقدم خدمة لهذا الوطن ديدن المخلصين من أبنائه.
ليس لي في هذه القطاعات أية مصلحة إن نجحت وازدهرت وبالتأكيد لا أريدها أن تخسر ولكنني مواطن يشعر بالأسى لما يقوم به البعض من سلوك سلبي وتوظيف غير موفق للإعلام البديل ونتف أجنحة من يقدم أفكار إبداعية لخدمة الناس والسياحة، كم تمنيت أن نشجع بعضنا ويدعم كل منا الآخر إن لم يكن بالاستفادة المباشرة من هذه الخدمات أو التسويق لها بإيجابية دون انتظار المقابل إلا من الله فتنتعش تلك الأماكن ويجني الجميع ثمار ذلك وعندها سنستطيع أن نقول أن السياحة تثري؟