هل تحولت السياسات الاقتصادية إلى عبء؟ قرار التوظيف الإجباري في المؤسسات الصغيرة… إجحاف يُقوّض فرص البقاء

د.محمد بن أحمد البرواني
mhmdtrain@gmail.com
محمد للاستشارات والتدريب
في الوقت الذي تتجه فيه التوجهات الوطنية نحو دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة باعتبارها رافدًا حيويًا للاقتصاد الوطني، يصطدم هذا التوجه بواقع يتنافى معه تمامًا، تمثّل في قرار إلزام هذه المؤسسات بتوظيف مواطنين عمانيين، دون أن تُقدَّم لها مقومات حقيقية للنمو والاستقرار.
التوظيف الوطني هدف سامٍ لا خلاف عليه، ولكن حين يُفرض على مؤسسات ناشئة تُعاني أصلاً من صعوبات في التسويق، وضعف في التمويل، وغياب الدعم الفني والتقني، فإنّ هذا القرار يتحول إلى نوع من الإجحاف الاقتصادي.
المؤسسات الصغيرة والمتوسطة اليوم لا تملك ما يكفي من الموارد لتغطية رواتب موظفين جدد، في حين أن أصحابها أنفسهم – في كثير من الأحيان – ما زالوا يبحثون عن دخل يغطي احتياجاتهم الأساسية. فكيف يُطلب منهم أن يكونوا جهة توظيف قبل أن يُمكَّنوا هم أنفسهم من الصمود؟
المشكلة لا تكمن في مبدأ التوظيف، بل في غياب التدرج والتمكين قبله. إذ أن افتقار هذه المؤسسات إلى فرص حقيقية للدخول في سلاسل التوريد مع الشركات الكبرى، واستمرار التهميش في المحافظات، والاعتماد فقط على بيع محدود للجمهور، يجعل من هذا القرار عبئًا غير منطقي.
إنّ فرض التوظيف في ظل هذا الوضع لا يحقق التنمية، بل يُقوّضها. وهو ما يتطلب وقفة مراجعة جادة من الجهات المعنية، لإعادة النظر في توقيت القرار وآلية تنفيذه.
نحتاج إلى مرحلة تمكين أولًا، ثم مرحلة توظيف لاحقًا، وفق خارطة طريق عادلة، تحفظ للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة حقها في البقاء والمساهمة بفعالية في الاقتصاد الوطني.
فهل تُنصت السياسات الاقتصادية لصوت الواقع؟