عبدالله كاندي إسم يظل حاضراً ولو غادر
خليفة المياحي
عبدالله بوناراث كاندي غادر قبل قليل أجواء السلطنة مسافرا إلى جمهورية الهند ( مسقط رأسه ) بعد أن عمل في السلطنة عشر أعوام بديوان عام وزارة التنمية الاجتماعية وعشرون عاما في خدمة نزلاء دار الرعاية الاجتماعية بالرستاق ( بما فيهم كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة) فكان وجوده بالدار ليس مجرد كونه عامل يخدم النزلاء بل كان واحدا من أفراد أسرة الدار بما فيهم النزلاء والموظفين في آن واحد
( اسم عبدالله وصورته) لن تفارقاني شخصيا ولن تفارق كل من عرفه مسؤولا كان أو موظفا بالوزارة أو في الدار فمن ينسى الخلق الرفيع والتواضع الجم والأسلوب الراقي في التعامل من ينسى عبدالله الذي عمل بجد وإخلاص ولم يكن كل ذلك بدافع المادة أو كسب المال فقط بل لجوانب انسانية ولإرضاء الضمير أكثر كيف لا وقد أعطى أكثر مما أخذ وقدم أكثر مما منح وكان أخا للجميع وطوال فترة عمله كان لا يمل ولا يتذمر من العمل ولا من رعايته واهتمامه بالنزلاء وخاصة كبار السن فقد عاملهم ( جزاه الله خير ) معاملة أكثر مما لو كان أحد أبنائهم من أصلابهم يعاملونهم وكان يتحملهم ويحتمل مواقفهم أيا كانت لما نعلمه من تغييرات تحدث لكبار السن فكان لا يتأفف أو يظهر الكدر بل كان طوال وقته مبتسما ضحوكا وكان يحرص على تلبية طلبات النزلاء أولا بأول ولو كان ذلك الطلب في ساعات متأخرة من الليل فكان أنيس الدار وحارسها وعاملها وجليس نزلائها وصديق العاملين فيها
لقد أحدث ذلكم التعامل الجميل أثرا كبيرا في نفسي وفي نفوس زملائي وحرصوا على وداعه صباح اليوم جميعهم وهو يغادر مبنى الدار ولا شك أن غيابه عنا ليس سهلا ( وسيتعب من يقوم مقامه في العمل)
لقد عاش عبدالله في عمان كأنه مقيم في وطنه وأدى واجبه على أكمل وجه ، ولم يكن من الذين توسوس لهم أنفسهم أنهم يعملون خارج بلادهم وأنه لا يجب أن يستقطعوا من أوقاتهم أو يبذلوا أكثر من العمل الموكل لهم أو يعمل بعد ساعات الدوام المحدده فكان يعمل طوال اليوم وكان رفيقا لنزلاء الدار في زياراتهم لأسرهم في مختلف البلدان وكان مرافقا ومقيما لهم في المستشفيات أثناء تنويم أحدهم وكان يسهر الليل من أجل راحتهم
إن لعبدالله من الخصال الجميلة والمآثر الطيبة ما لا أحصره ، يكفي أنه يلتقيك بالبسمة والانشراح في كل وقت يكفي أنه يحزن لحزن أي نزيل في الدار لقد اشرأبت نفسه رضا وتوطدت قواه يقينا وترج حياته بالكفاح والعمل الدائم
لقد كان عبدالله تؤام لموظفي الدار وكان الحارس على راحة الجميع
وكان محبوبا بسيرته الطيبة واخلاقه العالية
أعلم أن من يقرأ كلماتي يظنني أتكلم عن شخص قد فارق الحياة ولهذا أعدد مناقبه ولكن الحقيقة أنه حي يرزق وقد غادر إلى وطنه الأصلي ليواصل مشوار حياته مع أسرته نأمل أن يكون بيننا لقاء بأن يأتي إلى السلطنة زائرا فنلتقيه أو نذهب نحن إليه فإن ذلك من المرءوة وشمائل الرجال لقد انتهت فترة عمله بدار الرعاية الإجتماعية بالرستاق لكن لم تنتهي مآثره وتضحياته وصفاته كان بيننا معززا مكرما وغادرنا ودموع عينه تذرفان لفراقنا بل ودموعنا ذرفت لفراقه وقد أبقى لنا الأثر الجميل وجعل فينا جميعا اسما راسخا في قلوبنا يدفعنا لمزيد من التضحيات فكان لنا خير مثال للتفاني والإخلاص وكلمة الشكر قليله في حقه فأرجو من الله العلي القدير أن يكون ماقدمه عبدالله في ميزان حسناته وأن يبارك في عمره ويظل اسم عبدالله عالقا في أذهاننا ولو غادر شخصه الاجواء العمانية.