قمر الديّار

مريم بنت عيسى البلوشية
أبي قمر الديار..
فارسٌ بأصالته ومغوار..
تسامره تلك العصا الرفيعة التي تتراقص بين أصابعه
لتعيد لنا حنينا من نوع آخر ..
تُشعل فيك نيران الخوف فتلتهب قدمينا وهي تجري هرباً من ويلاتها الحارقة ..
لم يكن أبي ذاك الرجل الفظ والمُتثاقل والذي يُمكن أن تثيره بعض من الكلمات العابرة ..
ولا ذاك الذي يصبح على أبنائه بالضرب ويمسي عليهم بها..
كان يخبئ تلك العصا الفاتنة ليوم مميز فقط والأيام المميزة قليلة جداً..
أبي رجلٌ ودود..
حليم بحق..
يكتسيه الوقار ..
ويعلوه تاج الهيبة ..
جبلُ صامد مهما ترامت عليه الهموم والأثقال ولكن “اتق شر الحليم إذا غضب”..
هنا تنفجر البراكين ولن تجد لها مفراً أبداً..
أبي ملاكي الذي تسحرني ابتسامته ..
وتغمرني طيبته ..
لربما افتقدت الكثير لكني وجدتُ بين يديه كُل ما أريده ..
أطلب منه قمراً ويأتيني بالسماء محملاً على كتفيه الشديدتين ..
تعانقني دعواته أينما رحلت وحيثما حللت ..
رصين حتى في اختيار كلماته ..
عمود بيتنا الذي لا يمكننا الاستغناء عنه ..
أرى فيه ذاك الوطن..
وذاك الماضي الجميل ..
الذي احتضني وأنا طفلة ..
وحلق بي حتى صرتُ طيراً قوياً
يستطيع الاعتماد على نفسه ..
مُؤنس في جلساته لا تغيب تلك البراءة عن ناظريه ..
أنيق في حواراته .. يأخذك مع قصصه إلى عالم آخر ..
فقط هو هكذا محبوب ..
طيب وبشوش ورحوب..
أما عن تغافله وتسامحه وطيبته هنا يحتل أبي المرتبة الأولى لا أعلم هل هي سذاجة أم ماذا ؟..
وحينما يأتي الأمر لمرحلة الفخر بنا فلا نعلم أيفاخر الذهب بنا أم نفاخر بوجوده بيننا ؟؟
لا غيب الله فرحات آبائنا وأدامهم تيجان تعلو هامات رؤوسنا للأبد.