2024
Adsense
أخبار محلية

التوبية: الكتابة لسُعاد لا تنتهي، ولن تنتهي ولا شيء اسمه التكامل أو الاكتمال

حاورتها: آمنة بنت مهنا المزروعي

هل بدأتي الكتابة مبكرا؟ ومن أخذ بيدك نحوها؟
نعم بدأت الكتابة مبكراً حسب ما أتذكر، لكنها لم تكن الكتابة بمعناها الحقيقي، كانت بدايات متعثرة بل أشبه بلعبة ألعبها، لنقل لعبة حروف وكلمات، أحببت اللغة والكتابة لأنها كانت تساعدني لتجاوز الكثير من الاحباطات ولحظات الشوق لأبي الذي كان بعيد عني في تلك الفترة المبكرة من فترات عمري، فاكتشفت أن الكتابة تفعل فعل السحر، كنت أستطيع أن استحضره متى شئت من خلال الكتابة، كنت طفلة صامتة وأظنني ما زلت كذلك، كنت أجد في الكتابة عالم حلواً ساحراً.
ربما بدأت وأنا في الصف الرابع تحديداً وكنت أخبيء ما أكتبه، بعد ذلك اكتشفت مدرسة اللغة العربية أني أكتب بشكل جيد، كانت تستمتع بقراءة ما أكتب كما كانت تقول، وقد أخذت بيدي، أدخلتني في جماعة الصحافة وكنت أكتب في اللوحات الجدارية المعلقة على جدران المدرسة، كذلك أبي كان خير مشجّع لي من خلال ردوده على رسائلي، وحينما عاد بدأ يهتم بما أقرأ، وأعتقد أنني بدأت اكتشف هذا العالم الساحر بشكل أوسع بعد أن بدأت القراءة من الكتب والمجلات التي كان يحرص أبي على إحضارها لي، فتولدت الأمنية أن أرى اسمي يوماً في عمود بمجلة أو أن يكون لي كتابي الخاص.

بمن تأثرت شريفة في كتاباتها؟
لا أستطيع تحديد بمن تأثرت، أنا من الذين يقرأون كل شيء، في المجال الأدبي على وجه الخصوص، تربيت على صفحات مجلة ماجد ومجلة العربي والكتب القديمة ذات الأوراق الصفراء في مكتبة جدي، ثم بدأت أقرأ كل شيء، قرأت لغسان كنفاني وعبد الرحمن منيف ولواسيني الأعرج ولكثيرين غيرهم، وفي الأدب العالمي قرأت لهاروكي موركامي وأليف شافاق وإيزابيل الليندي وماركيز وأورهان باموق وبول أوستر….إلخ.
ولكني لست ممن يهمهم اسم الكاتب قدر ما يهمني الكتاب، ولا أقتني كتب البست سيلر ولكني أقرأ ما يروق لي، لذلك تأثرت بكل ما هو جميل في الأدب، ولكن لحظة الكتابة أكتب ما أشعر به وأعيشه بصدق خالص.

هل تفضلين الأدب العربي أم الغربي؟ ولماذا؟
أقرأ كل شيء، هناك كتاب وأدباء عرب أقرأ لهم وكذلك كتاب أجانب.. ليس للأدب جنسية، الأدب لغة وإحساس عالمي، ما يميز هذا عن ذاك جودة المعروض وكذلك ميول القاريء، ومن جهة أخرى الترجمة تلعب دور كبير في تقديم الأداب الأخرى لنا، والترجمة في حد ذاتها أصبحت مهمة وهناك فرق بين مترجم وآخر لأن المترجم يصيغ الكتب بأسلوبه هو ولعلني أميل إلى قراءة الكتب التي يترجمها صالح علماني أكثر من غيره.

برأيك كيف يصقل الكاتب مهاراته الكتابية؟
الكتابة ليست موهبة فقط، فالكاتب قد يولد موهوباً ليكتب، ولكن ذلك لا يكفي، الكتابة تحتاج إلى اشتغال عميق، وإلى قراءة مكثفة وإلى ممارسة يومية، الكتابة تحتاج إلى إخلاص حقيقي من قبل الكاتب لأني كما أكرر دائماً هي كائن غيور وأناني ولا تقبل شريك، على الكاتب أن يقرأ كثيراً في كتب السرد والأدب أن يتعرف على القواعد والشروط وأسس الكتابة الصحيحة حتى لا يستمر في كتابة ساذجة وسطحية اعتماداً على موهبته، الموهبة ليست كل شيء وإنما الاشتغال هو الأهم، على الكاتب أن لا يصل إلى مرحلة الرضى بما كتب، عليه أن يكون قاسياً مع نفسه ومع كتاباته، عليه أن لا يربط الكتابة بأي مصلحة كالمادة أو السعي نحو الشهرة، والكاتب الحقيقي لا يبحث عن قاريء بل القاريء يبحث عنه، عليه أن يراجع ما يكتب ويحرر ويعيد ما كتب، عليه أن يكون الناقد الأول لنفسه وأن يستعين بأصدقائه المخلصين ممن يفهمون العملية الكتابية لنقد ما كتب.. والقراءة أّهم من الكتابة للكاتب، فلن يكتب الكاتب إذا لم يقرأ، لأنها الوقود التي تساعد شعلة الكتابة على عدم الانطفاء.

النتاج الأدبي

دار راسنغ الصهيونية قامت بالسطو على عدد من الأعمال الأدبية العربية ومن ضمنها عمل من أعمالك..كيف تعاملتي مع هذا الأمر؟
ما حدث أن دار النشر الإسرائيلية قامت بترجمة عدد من القصص القصيرة والنصوص لعدد من الكتّاب العرب وكانت قصتي (زبد البحر) والتي كانت ضمن القصص المنشورة في كتاب عين السواد، من بين تلك القصص، طبعاً ذلك أزعجني جداً، أساء لنصي كما أساء لي، لأنه أولاً لم يتم استئذان أي منا وذلك أبسط حق من حقوقنا ككتاب، كان الأمر سرقة علنية مهما كان مسماها أو هدفها، الشيء الآخر ككاتبة عربية فذلك لا يشرفني واستنكره وأرفضه كما أصدرت في البيان الذي نشرته في حساباتي بمواقع التواصل الاجتماعي.

في مجموعتك القصصية عين السواد استخدمتي مجموعة من الألفاظ العمانية …هل تعتقدي بأن استخدام اللهجة العمانية قد يعيق القارئ العربي؟
في عين السواد بالذات تعمدت استخدام بعض الألفاظ من اللهجة العمانية لأن الحوار في النص يتطلب ذلك، بحكم الطبيعة السردية للفكرة التي حدثت في قرية عمانية ريفية وبزمن قديم، أحياناً النص يتطلب ذلك، حتى بالنسبة للقارىء يشعر بأن الخيال الذي كتب به الكاتب نصه يقربه من الواقع حتى يكاد لا يميز بين الخيال والواقع في النص المكتوب، وذلك ما وقعت في شراكه، لأن الكثيرين ربطوا ما كتبت بأشخاص معينين نظراً للأسماء الواردة، رغم أن ما ورد في عين السواد سرد خيالي يرتكز إلى فكرة واقعية.
وبالنسبة للقاريء العربي لا أعتقد أن ذلك يشكل عائقاً على الفهم، لكون معظم الكلمات الواردة كلهجة محلية هي عربية فصيحة في الأساس لو بحثنا عنها في المعجم والشيء الآخر قد وضعت بعض التفسيرات للكلمات التي أعتقدت أنها ستستعصي على القاريء، ولعلني لست أول من يفعل ذلك، فهناك روايات ونصوص كتبت حواراتها باللهجة المحلية لبلد الكاتب، أحب اللهجة العمانية، ذلك كل ما في الأمر .

لتكتبي عن سعاد وعن رسائلها التي لن تصل كم أخذ ذلك من وقتك ومن رصيد ذاكرتك؟
الكتابة لسُعاد لا تنتهي، ولن تنتهي، بدأت الكتابة لها بعد رحيلها، لذلك لا أستطيع تحديد وقت ما أخذته الكتابة مني ولا مقدار ما أخذته من رصيد ذاكرتي، لم تكن ذكريات، ولم يكن محاولة لاسترجاع الأمس، ولكنه كان محاولة لاسترجاع سُعاد، وطريقتي في التواصل معها حتى وهي بعيدة ،وبيني بينها مسافات لا تقدّر بمساحة أو مكان، إنها المسافة بين الحياة والموت، كتبت لها لأني بحاجة للبوح لها كما كنت أفعل وهي بجانبي، كنت بحاجة لأن أتحايل على الحقيقة التي أدركتها بعد موتها وهو أني وحيدة من أختي وصديقتي، بالكتابة انتصرت على الموت ولكني لم انتصر على الحنين أو الحزن لفراقها، فما زال الحنين يتلبّسني رغم مرور السنوات على فراقنا إلى أن يجمعنا الله تحت ظل جنته.

الأدب العماني
برأيك هل يتمتع الأدب العماني اليوم بمساحة حرية كافية يستطيع من خلالها مناقشة وطرح المواضيع المختلفة؟
نعم، لا شك في ذلك، الأدب العماني وصل إلى العالمية ويكفينا فخراً فوز رواية سيدات القمر لجوخة الحارثي بجائزة مان بوكرالعالمية، الأدب العماني أثبت أنه قادر على الحضور والمنافسة، الجميل أن الأديب العماني يشتغل على نفسه كثيراً رغم ضيق مساحات النشر في الصحف المحلية، لكن الأديب العماني موجود في كل المحافل العربية والدولية وبشكل يدعو للفخر.. وأظن أن الانفتاح الثقافي الاليكتروني ساهم بشكل كبير لانتشاره وخروجه من محيط نفسه وحدوده الجغرافية.

هل هناك ما ينقص الأدب العماني اليوم أم أنه وصل لمرحلة التكامل ؟
لا شيء اسمه التكامل أو الاكتمال، لا شيء يكتمل، سيظل الشعور بالنقص ملازم لأي مبدع، ولأن الاكتمال وهم فلن يكتمل سوى الناقص أو الجاهل، الأديب الحقيقي سيظل يشعر بأنه لم يصل، الأدب يتطور كما يتطور أي شيء آخر في الحياة، الأديب عليه أن يكون على إطلاع بالأساليب السردية الجديدة، عليه أن يبحث ويقرأ أكثر ويقبل النقد ليطور من نفسه، وأعتقد أن النادي الثقافي وجمعية الكتّاب يقومان بدور كبير من أجل الثقافة والأدب في عمان .

وأختم معك بسؤالي:
ما هي مشاريعك الثقافية القادمة؟
هناك مشروع أدبي في الطريق إلى النور بإذن الله، كذلك هناك نصوص سردية وقصصية ما زالت على سطح المكتب وما زلت على قيد الاشتغال بها.. تبقى الكتابة بالنسبة لي ممارسة يومية أقوم بها كي أثبت لنفسي أني أحيا بشكل صحيح، لأنها الفعل الذي أحب.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights