جوهر الجمال

أحمد بن ابراهيم البلوشي
ليلة تأملية غارقة في عمق الجوهر، حيث تتوارى السطوح الزائفة، لتكشف لنا عن بواطن الأشياء وسرائرها المخبوءة.
في ظلال هذا السكون الليلي، لا تتوقف الرؤية عند حدود الظاهر، بل تتسلل إلى مكامن الحقيقة، حيث يلتقي الجوهر بالمؤثرات العابرة، ويتشابك الداخل بالخارج في رقصة أزلية من التأثير والتأثر.
إنها رحلة إلى ما وراء البديهيات، حيث لا يكفي أن ترى المناظر الخلابة، بل أن تلمس روحها، أن تنصت لصمتها الناطق، أن تدرك كيف يتشكل الجمال من مزيج خفي من العناصر، بعضها ماثل للعيان، وبعضها لا يُدرك إلا ببصيرة متحررة من قيود السطحية.
فليس الجمال انعكاسًا للضوء فحسب، بل هو حوار بين الكينونة وأثرها، بين الوجود وتجلياته، بين الإنسان وعالمه الذي يعكسه كما يعكس البحر وجه السماء.
هناك، في تلك المساحة اللامحدودة بين الداخل والخارج، بين الذات والعالم، يتجلى السؤال الأبدي: هل نحن من يمنح الأشياء معناها، أم أن لها حقيقة مستقلة، تنتظر فقط من يملك القدرة على رؤيتها؟