الإثنين: 24 مارس 2025م - العدد رقم 2499
Adsense
مقالات صحفية

حقيقة الإنسان بين بريق الظاهر وجوهر الباطن

 عائشة بنت هاشل البارحية

    في عالم طغت عليه المظاهر، أصبحت الحقيقة شيئًا خفيًا، تُطمس معالمها تحت أضواء البريق الزائف الذي يُغري العيون ويُضلل العقول، فقد باتت المجتمعات تركز على ما يبدو في الخارج، لا ما يسكن الداخل؛ مما أوجد فجوة بين الإنسان الحقيقي وصورته التي يسعى ليرسمها أمام الآخرين.

   لقد أصبح المظهر الخارجي معيارًا للحكم على الإنسان، سواء في قدراته أو مكانته، وغُيبت بذلك القيم الأصيلة التي تشكل جوهر الفرد.

  نحن اليوم نعيش في زمن تُقاس فيه قيمة الإنسان بعدد الإعجابات والمتابعين، في حين أن أعمق القيم الإنسانية لا تجد لها مكانًا وسط هذا الضجيج السطحي.

إن هذا المشهد المحير يفتح الباب أمام تساؤلات عميقة: كيف وصلنا إلى هذا الحد من تغليب القشرة على اللب، والسطح على العمق؟

  إن تلك المظاهر الزائفة لم تؤثر فقط على نظرة الإنسان للآخر؛ بل امتدت لتُضعف صلابة العلاقات الإنسانية، فقد أصبحت العلاقات في كثير من الأحيان سطحية، تفتقر إلى العمق، قائمة على الانبهار بالصور البراقة والإنجازات المصطنعة، بعيدًا عن معايير الصدق والإخلاص.

هذا التحول أدى إلى تلاشي الثقة بين الأفراد؛ حيث بات الكثيرون يتساءلون: هل نحن نتعامل مع أشخاص حقيقيين أم مع ظلالهم التي اختاروا إظهارها؟

   ورغم ذلك، تظل الحقيقة شيئًا لا يمكن طمسه إلى الأبد؛ فالأثر الذي يتركه الإنسان، وأخلاقه التي يعكسها في مواقفه هي التي تحدد قيمته الحقيقية.

  الإنسان ليس بظلّه، ولا بصورته التي يرسمها في أذهان الآخرين؛ بل بما يقدمه من خير وأثر إيجابي يبقى بعده.

   إن مواجهة هذا التحدي تتطلب منا جميعًا أن نعزز قيم الأصالة والصدق، وأن نعيد النظر في طريقة تقيمنا للأفراد، ليس المهم ما يرتديه الإنسان أو ما يظهره للعالم؛ بل الأهم ما يحمله في داخله من مبادئ وما يتركه من أثر؛ فالبريق الخارجي سرعان ما يبهت، لكن جوهر الباطن الذي يبقى نقيًا، ثابتًا، وقادرًا على مواجهة الزمن.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights