غزة صمدت، وحماس انتصرت
هلال بن حميد بن سيف المقبالي
h.h.s.muq@gmail.com
الكل تابع مجريات معركة طوفان الأقصى، والتي سطر خطوطها رجال المقاومة الإسلامية “حماس”، وما تبعها من منظومة دولية ممنهجة للقضاء على المقاومة وتدمير كل البنى التحتية في قطاع غزة، وقتل الأطفال والنساء والشيوخ بكل وحشية ودموية، وبتحالف داعم من دول عدة للكيان الصهيوني (ما يسمى دولة إسرائيل) الغاشم، الغاصب للأراض العربية.
إنّ ما نتابعه في قنوات الأخبار من دمار المباني السكنية ومباني المؤسسات الحكومية والمدنية والرعاية الصحية، وهتك لنظم وقيم الإنسانية؛ ما هو إلا جزء يسير من الدمار الذي أوجده النظام الإرهابي النازي الصهيوني العالمي، بقيادة دولة الصهاينة في أرض فلسطين المحتلة، ظنًا منهم مقدرتهم في إنهاء دور المقاومة، نسوا بإن صاحب الأرض أقوى وأقسى صلابة؛ فهو يقاتل ليدافع عن أرضه وعرضه، و لا يقاتل لإحتلال أرض إن كسبها فهي له وإن لم يكسبها يخرج منها وكأن شيئًا لم يكن، فلا فرق عنده بين الحالتين، ولكن تفرق كثيرًا عند صاحب الأرض ولا يعرف هذا إلا من أنغرس مجده فيها وروى ترابها بدمه وعرقه، وعرف معنى الوطن.
إن ما مرت عليه غزة العزة خلال معركة طوفان الأقصى والتي استمرت أكثر من 15شهرًا، أي قرابة ال470 يومًا من القصف والتدمير والحصار المستمر ومنع توصيل المساعدات الإنسانية، أنتهج هذا المحتل الصهيوني مبدأ الاغتيالات، والقصف العشوائي وارتكاب المجازر وترويع الأطفال، والتجويع الجماعي، وتدمير مؤسسات القطاع الصحي والمدني، وإسكات صوت الحق بهدف القتل الجماعي؛ وهذا منهج خبيث لا يقوم به إلا الجبناء، والجبناء المنهزمين، أسلوب لا يرقى لمبادىء الحرب وأساليبها وقوانينها، ولكن هكذا هم اليهود الصهاينة ومن حالفهم، عُرف عنهم عبر التاريخ، وعند جميع الأمم والحضارات أنهم يخالفون المألوف.
رغم كل ما قامت به دولة اليهود صمد أهالي غزة العزة بعزتهم وكرامتهم، وصبروا وهم يشاهدوا خذلان الدول العربية والإسلامية وتعاون الدول الغربية مع المحتل، شاهدوا تخاذل ووهن المؤسسات الحقوقية العالمية في اتخاذ قرار يدين الاحتلال الصهيوني، وكشفوا حقيقة هذه المنظمات وعرّوا مبادئها وقيمها، وفضحوا شعاراتها التي يدعونها.
لقنت غزة العزة العالم أجمع درسًا في الصبر والتضحية وحب الأرض، والوقوف مع المقاومة، وللصراع من أجل البقاء في أرضهم بعزة وكرامة، رغم كل الصعوبات التي ابتلوا بها، وعاشوها طوال هذه الفترة المريرة.
جاء بيان الاتفاق بوقف أطلاق النار وتبادل الأسرى، ومع هذا الاتفاق انتصرت المقاومة، وامتثلت حكومة الاحتلال وأذنابها لشروط المقاومة التي سطرت أروع المُثل والقيم.
فماذا جنى الكيان الصهيوني وأذنابه المتضامنين معه بعد كل هذا الدمار والخراب والمجازر الذي خلفها في غزة غير الذل والهوان، والكره واحتقار العالم الحر لسلوكياته ومنهجية اللا أخلاقية في القتال، وكشف قناع الشر المتستر خلفه وكسر هيبة جيشه الذي يدعي أنه لا يقهر و لا يهزم، بالرغم من كل المساعدات والدعم المقدم له من دول عدة حليفة له إلا أنه جر خلفه ذيل الخيبة، وهزمته مجموعة أفراد بلا عدة أو عتاد، ولا يوجد لديهم ترسانة حربية، ولم يحظوا بدعم عسكري ولوجستي، إلا أنهم قاتلوا وقاوموا المحتل الذي لم يحقق ما كان يسعى إليه بقوته كما كان يتوهم؛ فلم يستطع تحرير أسراه من قبضة المقاومة، ولم يستطع تدمير قوة حماس العسركية وإنهاء وجودها في غزة، بل بالعكس من ذلك خرج هو من غزة مهزومًا مهزوزًا منبوذًا عالميًا.
انتصرت حماس ثمرة المقاومة والشعب، بعزة الله، وأذلت الكيان الصهيوني المحتل وحلفاءه رغم قدراتها القتالية البسيطة، وخرجت من هذه المعركة مرفوعة الرأس بعزة وإباء، كسبت قلوب وفكر الشعوب الحرة في العالم الذين تضامنوا معها وخرجوا في مسيرات تندد بالعدوان الصهيوني، وأظهرت للكل حقيقة الصهاينة وغايتهم وأهدافهم، انتصرت غزة وعرفت من وقف معها ومن خذلها، ولسان حالهم يقول:
أنفض يديك من الخلّان يا ولدي
وصافح الكرب والبلوى يدًا بيد
وأحفظ دموعك ما في الناس مرحمة
فلم يَعُد أحدٌ يبكي على أحد