رسالة إلى أهل غزة الصامدين
سليمان بن حمد العامري
أنتم تستحقون أكثر مما يستحق العالم أجمع. أنتم ملوك الأرض وترابها، وعطرها وزعفرانها، أنتم زينة الأرض وجمالها. وإن قلت عنكم أنكم النجوم، فقد زينكم الله بها لتضيئوا سماء الحياة. في كل لحظة ننظر فيها إليكم، نرى فيكم القوة والعزة والصمود، نرى فيكم معنى الكرامة والإنسانية التي لا تعرف الانكسار.
إن أوجاع الدنيا من حزن وألم، تخبو عندما نراكم، كما ينطفئ اللهيب عن الأخشاب. أنتم الأمل الذي لا ينطفئ، والنبض الذي يستمر، والعزيمة التي تلهم القلوب. ومهما قلت أو قال قلبي، ومهما نطق لساني، أعجز عن ترجمة ما يختلج في داخلي، فأنتم مثل ماء النهر، لا يمتزج بماء البحر، نقاؤكم يميزكم عن كل شيء، وعطاؤكم يفيض رغم كل ما يحيط بكم من قسوة وظلم.
أنتم أصحاب الأرض المباركة، جذوركم ضاربة في أعماقها، وقلوبكم معلقة في السماء. إن كل جدار يهدمونه أعداءكم تبنوه من جديد، وكل خطوة تخطونها وسط الآلام، هي درس للعالم في الكرامة. لا تعرفون اليأس، ولا تنحنون للريح، بل تواجهونها بشموخ الجبال.
هذه رسالتي لكم، فاقرؤوها، وابعثوا سلاماً لكل من حمل الراية، ولكل من أبى الخضوع، ولكل أم صابرة، وأب مكافح، وطفلٍ يبتسم رغم الجراح. أنتم الأمل المتجدد في هذا العالم، أنتم من يعيد رسم صور العدالة التي يخجل منها كل من تخلّى.
ابعثوا بعثرات قلمي إلى حيث تصل قلوبكم، لعلها تكون جسراً بين الكلمات والمعاني، ولعلها تلامس شيئاً من صبركم وقوتكم التي أراها معجزة إلهية. أنتم يا أهل غزة أبطال هذا الزمن، يا من تتحملون ما لا يتحمله بشر، وتصرخون في وجه الظلم بصوت الحق الذي لا يخفت.
إنني أكتب هذه الكلمات بقلبي قبل قلمي، فأنتم لستم وحدكم، ولن تكونوا يوماً وحدكم. دعائي لكم أن يحفظكم الله، ويحميكم من كل شر ومكروه، ويعينكم على مواجهة كل التحديات.
لا أقول إلا ما يرضي ربي، حفظكم الله ورفع قدركم، وجعل لكم من كل ضيق مخرجاً، ومن كل هم فرجاً. أنتم عنوان الكرامة والصمود، وأنتم منارة الأمل التي تهتدي بها قلوبنا جميعاً.
مع خالص الدعوات وأعمق الاحترام،
محبكم وداعمكم دائماً.