هلال بن حميد بن سيف المقبالي
في أواخر شهر اغسطس 2018م. كنت قادما من مدينة بيرمنجهام البريطانيه،ونزلت ترانزيت في مطارات إحدى الدول الخليجية،جلست في كراسي الإنتظار منتظرا موعد إقلاع طائرتي الثانية للعودة إلى البلد، وأثناء جلوسي حضر شاب يرتدي ملابس رياضية ويحمل حقيبة على ظهره، أنزل حقيبته على كرسي وجلس، أثار فضولي فسألته: من أين قادم وإلى أين هو ذاهب ؟
أجابني مبتسما: أنت عماني؟
قلت: نعم.
قال: أنا عماني أيضا ذاهب إلى …(إحدى الدول الخليجية) .
قلت: زيارة أم سياحة؟
أجابني:لا هذا ولا ذاك ذاهب لأستلم العمل هناك.
سألته باستغراب: تعمل هنا؟
أجابني: نعم
فسألته: ماطبيعة عملك؟
أجابني: لم تتضح لي بعد ولكني سأخبرك قصتي كاملة.
قلت: له تفضل
قال: أنا خريج هندسة بترول عام 2016م (باكلوريوس بترول وغاز) بحثت فور حصولي على الإفادة عن وظيفة في بلادي ولم اجد رغم أنني تقابلت مع عدة شركات ولكن عند المقابلة يسألوني عن شهادة الخبرة، فأجيبهم لا أملك شهادات خبرة و من أين لي بالخبرة وأنا حديث التخرج بعد.
يقول الشاب أكملت سنة على هذا الوضع وأنا بين تفكيري في شهادات الخبرة وتحديث البيانات،حتى وجدت عبر الإنترنت إعلان فرصة عمل في شركة أوروبية تعمل في إحدى الدول الخليجية مقرونه بالتدريب لمدة ستة أشهر، سجلت فيها واجتزت الإختيار ولله الحمد وبعدها جاء مندوب إلى مكان العمل للمقابلة ولله الحمد تمت المقابلة وكل ذلك في غضون أربعة ايام فقط،في هذه اللحظة قاطعه رنين هاتفه فإستاذنني بالرد.
عاد إلى كرسيه فقال:إنها أمي تسألني هل وصلت؟
وبادرته بسؤال: ماذا حصل بعد ذلك ؟ فأنا كلي شغف لمعرفة بقية القصة.
أجابني: بعدها ارسلوا لي تعهد بالموافقة وقبول الشروط، وكانت الشروط قاسية نوعا ما ومن ضمن الشروط:
1) التدريب ستة أشهر بدون راتب ولا إجازة.
2) توفر الشركة السكن والأكل وأدوات التدريب.
3) توفير تذكرة السفر ذهاب وإياب مرة واحدة خلال فترة التدريب.
4) الشرط الأهم أن تجتاز جميع التدريبات بنجاح تام ويتم فصل من لم يلتزم أو يهتم بالتدريب.
طرحت الفكرة على عائلتي ولم يشجعني أحد بسبب مدة التدريب.
قاطعته: نعم فأنت لم تخرج من بلدك ولم تتغرب وهذا شي بديهي لرفضهم.
قال: نعم هو كذلك ولكن قررت أن أتحدى نفسي وأصر على موقفي وأخيرا وافقوا ولكن ليس بالإقتناع التام،وقعت على التعهد وأرسلوا لي تذكرة السفر،وبدأت بالتدريب والحمد لله اجتزت التدريب في أقل من أربعة أشهر وتم إرسالي إلى مكتب الشركة فى إحدى الدول الأوربية لتقديم الإختبار النهائي والتقييم الشخصي للتوظيف إذا حصل.
بعدها عدت إلى بلدي منتظرا الرد النهائي للتوظيف.
سألته: هل كان معك ضمن الدورة التدريبية عمانيين ؟
أجابني: كنت العربي الوحيد الذي نجح في الإختيار والمقابلة قبل الدورة لله الحمد.
كنا فقط ثمانية أشخاص، ومن جنسيات مختلفه غير عريية. وأنتهى الأمر إلى تعيين شخصين معي كولومبي وفلبيني.
وها أنا اليوم ذاهب لإستلام عملي مغتربا عن بلدي وشاقا طريقي بعزم وإصرار.
سألته: ماطبيعة العمل؟
أجابني: لا أعرف بالتحديد فقط وصلني إشعار بالموافقة ضمن اثنين من كانوا معي بالدورة، ولكن أخبرونا ضمن الإشعار بأن الإجازة فقط عشرة أيام بعد مضي شهرين عمل.
وعندما أصل للشركة ستتضح الأمور.
سألته: لماذا في هذه الدولة بذات ولم يكن في بلدك؟
أجابني: الشركة بها خمسة وعشرون فرعا في أنحاء العالم وعندها فروع في كل دول الخليج بإستثناء عمان.
حمل حقيبته معتذرا مني لأن موعد طائرته قد حان.
وكم كنت أتمنى أن تطول فترة انتظاره فلقد كان معي الكثير من الأسئلة لأطرحها عليه ولكن تركني في ذهول تام من قصته، ضاربا الأكف، متسائلا هل يعقل أن تهدر طاقات وإمكانيات وطموحات شبابنا خارج البلد! ومن المستفيد من ذلك؟
ولسان حالي يقول إلى متى سيظل وضع شبابنا هكذا!
أختزن الكثير من القصص ولكن أكتفي بهذا القدر من سلسلة قصص شبابنا إلى أين؟