الأثنين: 6 يناير 2025م - العدد رقم 2375
Adsense
مقالات صحفية

اليوم العربي لمحو الأمية (٨ يناير)

عبدالله بن سعود الحكماني

في اليوم العربي لمحو الأمية، الذي يصادف، ٨ يناير من كل عام، والذي اعتادت الكثير من المؤسسات المهتمة بالتعليم وتنمية المجتمع على امتداد وطننا العربي أن تحتفي به وتحتفل. أتذكر أمتنا العربية التي عاشت عصور ما قبل الإسلام تعاني من الأمية والجهل في سوادها الأعظم. طبعاً وإن كانت هناك فئات من العرب على مستوى جيد من التعليم والوعي؛ بل وكونت حضارات يشهد لها التاريخ البشري بغض النظر عن قصرها وأثرها؛ كحضارة سبأ، ومعين، وقتبان، والقائمة تطول، إلا أن الجهل أخذ مساحته أيضاً من العرب، خصوصاً ممن يعيشون في صحارى الجزيرة العربية، ولم يخرجهم من هذا الجهل وهذه الأمية إلا الدين الإسلامي؛ فهو من نقلهم من حالة الجهل إلى العلم، ومن حالة التخلف إلى التقدم، ومن الظلمات إلى النور؛ حتى أصبحت الدولة الإسلامية مضرب مثل للتقدم الحضاري عبر التاريخ، وتجاوزت الكثير من الحضارات التي سبقتها؛ حيث بدأت بعهد النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- النبي العربي، الذي أسسها على ما ينزل عليه من الوحي وما يجده في القرآن الكريم-كتاب الله المقدس-؛ لكون القرآن الكريم دستور حياة، ومصدر أحكام، ومنهل فكر، ومنطلق حضارة.

أصبح القرآن الكريم هو المرجع الأساسي لمختلف الدول الإسلامية التي تتابعت منذ وفاة الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- بداية بالخلفاء الراشدين، مروراً بالدولة الأموية، فالعباسية، وما زامنها من العهد الأندلسي، وصولاً إلى آخر دويلات الإسلام التي تقلصت حتى انتهت.

ولم تنته هذه الدول والممالك إلا بعدما تهاونت في الأخذ من كتاب الله المنهل الصافي للحضارة الإنسانية، وما يرافقه من سيرة وسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- بفروعها الثلاثة:(الفعلي، والقولي، والتقريري).

اليوم كما نرى أصبحت الحضارة الغربية هي السائدة والمتسيدة على العالم أجمع؛ لما قدمته للبشرية من خدمات، سواء تقنية أو فكرية؛ إلا أن الحضارة الغربية ولدت عرجاء، حيث أنها تقوم على الجانب المادي دون الروحي، وكما يرى الكثير من المفكرين سواء من داخل الحضارة نفسها أو ممن حولها بأنها آيلة للسقوط بسبب ذلك، ولا بد لها من بديل آخر يستلم القيادة الحضارية، والمتوقع والأقرب هو الأمة العربية الإسلامية؛لكونها تمتلك مقومات الحضارة الأساسية؛ فهي أمة تستمد حضارتها من القرآن الكريم والسنة النبوية، وتهتم بالجانبين المادي والروحي الذي يفتقر إليه الغرب خاصة، والكثير من الحضارات الإنسانية السابقة واللاحقة على امتداد المعمورة.

لكن يتبقى أن يستيقظ العربي المسلم وأن يعود إلى مصادر الحضارة الحقيقية؛ بقراءة جيدة ومتأنية ومعمقة، بعيداً عن السطحية والآراء الضيقة وقصيرة المدى.

هذه الحضارة، أي العربية الاسلامية، وهذه المصادر التي انطلقت منها الحضارة العربية الإسلامية قد جربها العربي المسلم سابقا، ونجحت ولا تزال آثارها الفكرية والعلمية والعملية باقية إلى يومنا هذا، سواء في مجتمعاتنا العربية الإسلامية رغم ضيقها، أو في المجتمع العربي المتحضر الذي يستند عليها في الكثير من جوانب حضارته رغم إهماله للجانب الروحي منها طبعا.

كما أنه لا بد للعربي المسلم من العلم، سواء في أولى خطواته التي هي فك الحروف وتركيبها للقراءة والكتابة، أو في التوسع المعرفي بالتعليم الأكاديمي والقراءة الحرة والإطلاع والبحث والتمحيص والتحليل والتقصي في مختلف العلوم والتخصصات. كذلك بالإستفادة من الحضارة الغربية المعاصرة كما فعل الأسلاف مع الحضارات الأخرى، وبطريقة بعيدة عن الذوبان والتقليد الأعمى.

وما اليوم العربي لمحو الأمية إلا فاتحة خير وبداية طريق للعودة إلى… ومواصلة الإنجاز العربي الإسلامي الحضاري.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights